مقالات

أيها العزيز (6)


الإمام الخميني(قده) ..
في تذكّر اللّه
أيها العزيز ...!
مهما تتحمّل من الصعاب في سبيل الذكر والتذكّر للحبيب الحقّ سبحانه كان ذلك قليلاً. روّض قلبك على التذكّر للمحبوب، لعلّ الله يجعل صورة القلب صورة لذكر الحقّ، وكلمة لا إله إلّا الله الطيّبة، الصورة النهائيّة والكمال الأقصى للنفس، فإنّه لا زاد أفضل منه للسلوك إلى الله، ولا مصلح أحسن منه لعيوب النفس، ولا رفيق أجدى منه في المعارف الإلهيّة. فإذا كنت طالباً للكمالات الصوريّة والمعنويّة، وسالكاً لطريق الآخرة ومهاجراً ومسافراً إلى الله، فاجعل قلبك معتاداً على تذكّر المحبوب، واعجن قلبك مع ذكر الحقّ تبارك وتعالى.


في محبّة أولياء اللّه
عزيزي...!
تصادق مع عباد الله الذين تشملهم رحمة الله ونعمه، ويتزيّنون بالإسلام والإيمان وأحببهم في قلبك.
وإيّاك أن تعادي محبوب الحقّ المتعالي، لأنّه سبحانه يعادي أعداء أحبّائه وسوف يبعدك عن ساحة رحمته.
إنّ عباد الله المخلصين مجهولون بين سائر عباده، ومن الممكن أن يعود عداءك لمؤمن وهتكك حرمته وكشفك عورته، إلى هتك حرمة الله تعالى ومعاداته!. إنّ المؤمنين أولياء الحقّ، والتحابّ معهم تحابّ مع الحقّ، والتخاصم معهم تخاصم مع الحقّ.
إيّاك وإثارة غضب الحقّ سبحانه، ومعاداة شفعاء يوم القيامة "ويلٌ لِمَنْ شُفَعاؤه خُصَماؤه". فكّر قليلاً في النتائج الدنيويّة والأخرويّة لهذه المعصية، وتأمّل يسيراً في تلك الصور صور تجسّد الأعمال الموحشة المدهشة الّتي يُبتلى بها الإنسان في القبر والبرزخ ويوم القيامة.


في علاج النّفس
أيها العزيز...!
كما قال أبو ذر للرجل: "إنّ العلم كثير ولكن إن قدرت أن لا تسيء إلى من تحبّه فافعل"، ولكنّ العلم النافع لأمثالنا أن لا نسيء إلى أنفسنا ونعرف بأنّ أوامر الأنبياء والأولياء عليهم السلام تكشف عن حقائق نحن محجوبون عنها. إنّهم يعلمون بأن للأخلاق الذميمة والأعمال السيّئة، صوراً بشعة وثماراً فاسدة، وأنّ للأعمال الحسنة والأخلاق الكريمة صوراً جميلة ملكوتيّة. إنّهم حدّثونا عن كلّ شيء عن الدواء والعلاج وعن الداء والسقم.فإذا كنت عطوفاً على نفسك، فلا بدّ وأن لا تتجاوز هذه الإرشادات لتداوي ألمك، وتعالج مرضك. الله يعلم أنّه إذا انتقلنا مع ما نحن عليه الآن إلى ذلك العالم، فبأيّ مصائب وآلام ومعاناة سوف نبتلي؟ وَالْحَمْدُ للهِ أَوَّلاً وَآخِراً.


في المراء
الويل لنا...!
نحن أصحاب المراء والجدال وذوي الأهواء النفسيّة والخصومات، ابتلينا بهذه النفس الخبيثة الّتي لا تعرف الرحمة والحنان، والّتي لا تتركنا، إلى أن تهلكنا في جميع النشآت والعوالم، ولم نبادر لإصلاحها إطلاقاً، لقد صممنا آذاننا ولم نستيقظ من سباتنا العميق الباعث على التوغّل في عالم المادة.إلهي أنت مصلح العباد، وبيدك القلوب، وطوع قدرتك وجود الكائنات، وتحت هيمنتك قلوب العباد، وإنّنا لا نملك نفعاً ولا ضراً ولا حياةً ولا موتاً، أَنِرْ يا إلهي بنور فيضك قلوبنا المعتّمة، ونفوسنا المظلمة، وأصلح بفضلك ولطفك مفاسدنا، وأنقذ هؤلاء الضعفاء العُجّز..


في الحساب الإلهي الدقيق
اعلموا...!
يا طلّاب العلوم الإسلاميّة إنّ الله قد أتمّ الحجّة عليكم أكثر، وسيحاسبكم أشدّ، ويكون ميزان أعمالكم وعلومكم مغايراً كلّياً لميزان كافّة العباد، وصراطكم أرقّ وأدقّ، ومحاسبة الله لكم أعظم. والويل لطالب علم عندما يبعث علمه في قلبه الظلمة والكدرة. كما نشعر نحن بأنّنا إذا حصلنا على بعض المفاهيم الناقصة والمصطلحات الّتي لا طائل منها، توقفنا عن متابعة طريق الحقّ، وتحكّم فينا الشيطان والنفس، وأنثنينا عن طريق الإنسانيّة والهداية، وغدت هذه المفاهيم الحقيرة حجابنا الغليظ، ولا منجى لنا إلّا اللجوء إلى الذات المقدّس تعالى.


في إخلاص النيّة
أيها العزيز...
إنّ المنقذ الأساس، ومصدر الفيض، تخليص النيّة، والنيّة الخالصة "مَنْ أَخْلَصَ لِلهِ أرْبَعينَ صَبَاحاً جَرَتْ يَنَابِيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ" فهذه فوائد وآثار الإخلاص في أربعين يوم. فأنت عندما بذلت الجهد أربعين عاماً أو أكثر في سبيل تجميع المصطلحات والمفاهيم العلميّة، واعتبرت نفسك علّامة ومن جنود الله، ولكن لم تجد أثراً للحكمة في قلبك، ولا طعماً لها على لسانك فاعلم بأنّ دراستك وتعبك لم يقترنا بالإخلاص، بل إنّما اجتهدت للشيطان والرغبات النفسيّة. فعندما رأيت بأنّ هذه العلوم لم تثمر ولم تنجع فانصرف ولو لأجل الاختبار، نحو إخلاص النيةّ وتصفية القلب من الرذائل والكدر، فإذا لمست أثراً حاول أن تستمرّ في ذلك أكثر. وإن كانت التصفية لأجل الاختبار كانت هذه النيّة متنافية مع الإخلاص، ولكن من المحتمل أن يهديك بصيصاً من نورها.


في المعارف الحقّة
أيها العزيز...
أنت محتاج في جميع العوالم: عالم البرزخ وعالم القبر وعالم القيامة ودرجاتها إلى المعارف الإلهيّة الحقّة، والعلوم الحقيقيّة والخلق الحسن والأعمال الصالحة. فاجتهد أينما كنت من هذه الدرجات والمراتب، وأكثر من إخلاصك وأزل عن قلبك أوهام النفس ووساوس الشيطان حتّى تظهر لك النتائج، وتجد سبيلاً إلى الحقيقة، وينفتح لك طريق الهداية، ويكون الله سبحانه في عونك. يعلم الله سبحانه بأنّنا إذا انتقلنا مع هذه العلوم التافهة الباطلة وهذه الأوهام الفاسدة والقلب الكدر والخلق الذميم إلى عالم الآخرة، كيف تكون مصائبنا ومحنتنا، وكيف يكون مصيرنا، وأنّ أيّ ظلم ووحشة وعذاب توفّر لنا هذه العلوم وهذه الأخلاق؟.


في السعي للترويض الروحاني
أيها العزيز...!
بعد أن عُلم نقلاً وفعلاً بأنّ الوساوس من الشيطان... الّذي يُفسد عملنا، ويصرف قلوبنا عن الحقّ المتعالي. ومن المحتمل أنّه لا يكتفي بهذه الوسوسة في العمل، بل يبدي البراعة ليدخل الوسوسة في العقيدة والدين، ويبعد دينك عن دين الله ويجعلك شاكّاً في المبدء والمعاد ويدفعك إلى الشقاء الأبديّ. وإذا لم يستطع أن يضلّل أشخاصاً عبر الفسق والفجور، فهو يسلك سبيل العبادات والمناسك فيبطل نهائيّاً الأعمال والأفعال الّتي يجب أن نتقرّب بها إلى الله، ونعرج من خلالها إلى الحقّ المتعالي، ويجعلها دوافعاً للابتعاد عن ساحة القدس الربوبيّ جلّ شأنه، والتقرّب من إبليس وجنوده. وعلى أيّ حال يُخشى من أن يعبث في عقائدك. بعد علمنا ذلك لا بدّ من السعي في سبيل معالجة هذه الحالة بأيّ شكل كان وبواسطة أيّ ترويض روحانيّ ممكن.


في المناجاة
عزيزي...
اجعل مناجاتك مع الحقّ سبحانه بمثابة التحدّث مع إنسان بسيط من هؤلاء الناس؛ فكيف أنّك إذا تكلّمت مع صديق، بل مع شخص غريب انصرف قلبك عن غيره، وتوجّهت بكلّ وجودك نحوه أثناء التكلّم معه، فلماذا إذا تكلّمت وناجيت وليّ النعم، وربّ العالمين، غفلت عنه وانصرفت إلى غيره؟ هل أنّ العباد يُقدَّرون أكثر من الذات المقدّس للحقّ؟ أو أنّ التكلّم مع العباد أغلى من المناجاة مع قاضي الحاجات؟ نعم أنا وأنت، لا نعرف ما هي المناجاة مع الحقّ سبحانه، إنّنا نرى التكاليف الإلهيّة كلفة، وفرضاً علينا، ومن الواضح أنّه متى ما أصبح شيء ما حملاً ثقيلاً على الإنسان وعلى شؤون حياته، لما أعتُبر عنده ذلك الشيء ذا بال وأهميّة. إنّه لا بدّ من إصلاح الينبوع، والعثور على الإيمان بالله وبكلمات أنبيائه عليهم السلام حتّى يتمّ إصلاح الأمور.


في الشفاعة
لا تظن ...!
بأنّ أحداً يرى رحمة الحقّ سبحانه ووجه الجنّة، من دون شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحمايته ورعايته! والآن انتبه إلى أنّ تقديم أيّ عمل بسيط، بل أيّ مصلحة موهومة على الصلاة الّتي هي قرّة عين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والوسيلة الرفيعة لنزول رحمة الحقّ، وأنّ إهمالها وتأخيرها إلى نهاية وقتها من دون مسوّغ، وعدم المحافظة على حدودها، من التهاون والاستخفاف بالصلاة؟ فإن كان هذا من التهاون في الصلاة فاعلم حسب شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشهادة الأئمّة الأطهار عليهم السلام، أنّك قد خرجت عن ولايتهم، ولا تنالك شفاعتهم.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد