مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

لا مفرّ من الآلام


الشيخ علي رضا بناهيان ..

أساساً الإنسان لم يُخلَق إلا للآلام واللذّات.

حين نقول «آلام» فلا يظن أحدٌ أنه مستثنى منها. وحين نقول «لذّات» فلا نستثنيَنّ أحداً من طَلَب اللذة. فحياة بني البشر كافّة تتلخص في تدبير التعامل مع الآلام واللذات.
فأراذِل القوم وسفلتهم يعيشون على هذه القاعدة، وأولياء الله والصالحون أيضاً يعيشون عليها، ولا فرق بينهم إلا في مستوى الألم واللذة. وخلاصة حياتنا هي في تدبير الآلام واللذات، وهو كيف نتخطّى «آلاماً ما» لنتنعّم «بلذّاتٍ ما»؟ ما هي طُرُق تخطي هذه الآلام لبلوغ أعظم اللذات؟ الخطوة الأولى هي الإدراك.
مثلاً على الإنسان أن يدرك بأنه لا بد من المِحَن في هذه الدنيا. وأنّ الأمر لا بُدّ وأن يختلط عليك! فلو أردتَ اختيار زوجة بحيث لا تتنغَّص حياتُك بسببها فكُن مَلاكاً، أو حيواناً! الملائكة والحيوانات هكذا. فلا بدّ للناس من مقاساة الآلام في تعاملهم مع بعض.
لا تَعِش! لماذا نحن غير قادرين على تخطّي بعض المِحَن؟ لأننا نجهل أنّ بعض المِحَن لا مفرَّ منها في حياة الإنسان. لقد خلق الله الرجل والمرأة ليتمكّنا، بما لديهما من اختلافات، من أن يُمَتّعا أحدهما الآخر، ومن تعذيب أحدهما الآخر أيضاً. لماذا نكذب على أنفسنا أحياناً، ونعيِّشها في خيال؟! بعض الناس امتحاناتهم العائليّة أصعب، وبعضهم ابتلاءاتهم العائلية أسهل، لكن لديهم ابتلاءات أخرى أصعب.
بعض الكَنّات يواجِهنَ مشاكل فيلجأنَ إلى أمّهاتهِنّ وآبائهِنّ: «زوجي هذا يؤذيني، لقد حصل كذا وكذا..!» فعوضاً عن دفاعِكم عن ابنتكم قولوا لها: هذه مُنغّصات الحياة.. الكلّ يعاني منها.. بل هناك الأسوأ.. إنها قابلة للحل. ـ «كلا. قلتُ له، فلم ينصَلح!» ـ «لو كان قد انصلح مباشرة لكان عبدَكِ.. لكان حَمْلَك الوديع! إنه إنسان، وإصلاحُه يطول. هذا إذا كان الحقّ معكِ! فقد تكونين مبالِغةً في توقّعاتك! لكن المهم أنّك انزعجتِ! حسنٌ، نحمد الله أنّ انزعاجك في هذه الحدود! فقد باتَ معلوماً علامَ هو انزعاجك.

قال (أحدهم): «أبي يؤذيني». فقلتُ: «طيّب، الحمد الله!» - «أتهزأ بي يا شيخ؟!» قُلت: «كلا، أبداً. فلا بد لكل امرئ من شِدّة، وشِدّتك هي أنّ أباك يؤذيك، وهي أسلَم بكثير من الشدائد الأخرى!» فالعِلم بالشيء يخفّف الآلام على الإنسان، ويمنحه القدرة على اجتيازها. إنّه شيء جيد جدّاً.  يقول أمير المؤمنين علي(ع): «إذا نَزَلَ بكَ مَكروهٌ فانظُر» وتفحَّص «فإنْ كانَ لكَ حِيلَةٌ، فَلا تَعجَز». أي إن كان لديكَ علاج لإزالة هذا المكروه فلا تجلس عاجزاً، بل قُم وعالِجْه.. هلاّ قُمتَ؟! «وإِنْ لَم يَكُن فيهِ حِيلَةٌ»؛ أما إذا لم تتمكن من إزالة هذا المكروه ولم يكن في يدك حيلة «فلا تَجْزَع‏» طيّب، دعه وشأنه! إن استطعتَ حلّ المشكلة، فحلّها، وإلا فدَعها وشأنها! كان الإمام الصادق (ع) جالساً يوماً مع أصحابه فإذا بصوتِ بكاء يرتفع من البيت! فقام (ع) وقال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» ودخل البيت، ثم خرج والبِشْرُ والهدوء في وجهه ـ
ماذا حصل، سيّدي؟ ماتَ ولدُه بل رُويَت عن الإمام الباقر(ع) قصة مماثلة وبالتفصيل. إذ قيل: كان (ع) متألّماً جداً، يروح إلى داخل البيت ويجيء حيث كان ابنه مريضاً بالحُمّى. فقلنا: «ماذا سيجري على الإمام (ع) لو فارق ولدُه الحياة؟!» فإذا به (ع)، بعد أن مات الولد، يرتدي ثوباً جديداً، ويكتحِل! فقالوا له: «سيدي، قلنا لا بدّ أنك ستجزع جزعاً عظيماً لموته! إذ لقد رأيناك جزِعاً أثناء مرَضِه» قال: «لأنني لا أحب أن يمرض ولدي، ولا أن يفارق الحياة. فأنا أحبّ ولدي، وأحبّ عافيتَه أيضاً. ولقد حاولتُ جهدي، ودعوتُ له كذلك لكن الله أراد أن يأخذَه.. إذن أنا مُسَلِّمٌ لأمره!» لا بدّ أن يكون في هذه الدنيا مكاره. إن كان لديكَ علاج لإزالة هذا المكروه، فعالِجْه، أما إذا لم تتمكن من إزالة هذا المكروه ولم يكن في يدك حيلة.. طيّب، دعه وشأنه «فلا تَجزَع‏»! ما هي طُرُق تخطي هذه الآلام لبلوغ أعظم اللذات؟ الخطوة الأولى هي الإدراك. لا بدّ أن يكون في هذه الدنيا مكاره.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد