مقالات

العلم والإيمان

 

الشهيد مرتضى مطهري .. 

أن العلم وسيلة فهم العالم، والإيمان مبدأ فهم الذات، يسعى العلم طبعاً ليوصل الإنسان الى فهم العالم كما يسعى لكي يوصله أيضاً الى فهم ذاته، وقد أخذ علماء النفس على عاتقهم هذا العمل، ولكن الفهم الذي يعطيه العلم ميت وبلا روح، لا يلقى حماساً في القلوب، ولا يوقظ قوى الإنسان النائمة، بعكس معرفة الذات التي تأتي عن طريق الدين والتي تصبح متواصلة بقليل من الإيمان.
معرفة الذات الإيمانية تشمل كل وجود الإنسان وتوصل إلى معرفة الله التي تذكر بنفس الإنسان الواقعية، وتذهب عنه الغفلة، وتشعل النار في قلبه وتجعله متألماً ويعرف الألم، ليس العمل عمل علوم وفلسفات. فإن هذه العلوم والفلسفات تسبب الغفلة أحياناً وتنسي الإنسان نفسه. ولذلك فإننا نجد كثيراً من العلماء والفلاسفة غير مبالين وبلا رحمة، فقد حصّلوا علوماً كثيرة ولكنها بلا فائدة في معرفة الذات.
"العارفون بالعالم يأخذون على المدنية الغربية عيباً أساسياً وهو ثقافتها التي فهمت العالم ونسيت نفسها. فالإنسان في هذه الثقافة يميل الى معرفة العالم، وكلما عرف العالم أكثر نسي نفسه أكثر، وهذا هو سر سقوط الإنسانية في الغرب".
هذه النقطة ظاهرة إلى حد ما في الأفكار الغربية، بل يوجد انحرافات كثيرة بهذا الخصوص، يقول الدكتور ألكسيس كارل: في الحقيقة إن الذي يجب تقديمه على كل شيء هو صقل الإنسان الذي بانحطاطه يموت جمال المدينة وحتى عظمة النجوم... لو أن غاليلة ونيوتن ولافوزيه صرفوا قواهم الفكرية على جسم وروح الإنسان، لكانت دنيانا اليوم قد اختلفت كثيراً. إن رجال العالم والسائرون على طريق المعرفة لا يعلمون الى أين يصلون وعلى أي نتيجة يحصلون.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد