مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

سبع سنوات من الخيانة بدافع الحب


الشيخ علي رضا بناهيان

يشيع هذا النمط من الخيانة في مجتمعنا بكثرة فالناس يحبون أطفالهم، وبسبب هذه المحبة يخونونهم! سبع سنوات من الخيانة بدافع الحب.
يشيع هذا النمط من الخيانة في مجتمعنا بكثرة.. هو طبيعي جداً..
من السابعة حتى الرابعة عشرة هي فترة تأديب الطفل وهم يتخيّلون أنه ما زال ابن السنة إلى السابعة فيستمرون في تدليله وتغنيجه! فإذا بالولد عند الـ14 يحنّ إلى أيامه الخوالي ويرغب في اتّباع نزواته فيجد الوالدان نفسيهما أمام مشكلة ويحاولان، للتوّ، البدء بتربيته: ـ على مهلك يا حبيبي، ألم أمنحك الحب؟! ألم أخدمك 14 عاماً؟! ـ
لكنك ارتكبتَ خطأً فادحاً إذ خدمتَ طفلك أربعة عشر عاماً! كان عليك خدمته إلى السابعة، أما من السابعة إلى الـ14 فطفلك هو من يجب أن يخدمك! أيّ محبة في غير وقتها هي هذه المحبة!
 تقول إدارة مدرسة ابتدائية دينية راقية: من أجل رفع المستوى الدراسي للطلاب، وبعد استقطاب الموهوبين منهم، جعلنا المختبر عند الممر وقلنا لهم: يا أولاد، يمكنكم القيام بالاختبارات العلمية متى ما رغبتم بذلك، كما يمكنكم إنجاز العمل الفلاني أيضاً متى ما شئتم، فإن سئمتُم ذلك فاقصدوا المكتبة وقوموا بالنشاط العلمي الفلاني..!
لكن هذا خطأ مائة بالمائة! كم عمر الطفل؟ إنه بعمر الابتدائية. صحيح أنه يمارس نشاطه وفق ميوله وبما يناغم موهبته لكنكم نسيتم قضية هامة جدّاً وهي أن الأهم من الموهبة والميول لدى الطفل في السبعة الثانية من عمره هي قدرته على تحمّل الصعاب وحَملِ نفسِه على النظام والأدب.

صحيح أن الطفل يحمل ميولاً جيدة وهو يتعلّم شيئاً ما لكنكم بذلك تحطّمون شخصيته، وغداً سوف يفتقد القدرة على تحمّل الشدائد وستتدنّى، بالطبع، مواهبُه.
لو شهدَت مناهجنا التربوية التعليمية لمرحلة الابتدائية تغييراً لأصبح أكثر طلابنا علماء. عليكم أن تُخضعوا الأطفال، ولاسيما بين الـ7 والـ14، إلى امتحان. والامتحان هو مقاساة المحنة، والابتلاء هو معاناة البلاء. على أننا لا نعني بالبلاء والمحنة تمريغهم بالتراب، وإعطاءهم لوزة باليوم، وصفعهم مرّتين يوميّاً! فما إن نقول ذلك حتى يتبادر المرتاضون الهنود إلى أذهاب البعض.
فالصعوبة، بالطبع، ينبغي أن تكون معقولة. لكن الآباء والأمّهات الذين لا يُخضِعون أولادَهم، بدافعٍ من المحبة، لصعوبات معقولة، وفي العمر المناسب، ليسوا قلة، وسيعانون عشرة أضعاف هذا العناء بعد سن البلوغ لترويض هذا الطفل الذي أصبح الآن مراهقاً، بل "ذئبا" ما شاء الله، دونما جدوى!
أنتَ الذي أوصله إلى هذا! أيها الآباء والأمهات المحترمون، إذا أخذتم أولادكم إلى الابتدائية فرأيتم المعلمين والمعاونين يَحْنُون عليهم كل حنُوّ، ويعاملونهم معاملة الممرضة للمريض، بل يوقِفُون أنفسَهم على خدمتهم أنْ: "يا أولاد، الأمر ما تأمرون"، ورأيتم أولادكم مرتاحين لذلك، فأخرجوهم من هذه المدرسة لأنهم "سيفسدون" وخذوهم إلى مدرسة أخرى.
قُل: جلبت ولدي هنا ليتأدّب، والتأدّب هو أن يتصرّف دوماً وفقاً للتعليمات وبشكل منظّم. لا بد للولد في الرابعة عشرة أن يكون قد استكمل أدبه، إلى درجة أن الإمام الصادق(ع) يوصي: إذا أنجزت ما عليك من تأديب صبيّك حتى الرابعة عشرة فعليك تركُه فهو لم يعد بحاجة إلى تربية.
اتركه عند سن الخامسة عشرة. أينما قرأتُ هذا الحديث اعترضوا أن: يا شيخ، نتركه عند الـ15! ما زال في بداية الطريق. ـ كلا يا عزيزي، يقول الإمام الصادق(ع): لو قمتَ بما عليك لكان آخره. يمكنك إعطاءه المشورة بين الرابعة عشرة والحادية والعشرين.

عن أبي عبد الله(ع) قال: «أَمْهِلْ‏ صَبِيَّكَ‏ حَتَّى‏ يَأْتِيَ‏ لَهُ‏ سِتُّ سِنِينَ، ثُمَّ ضُمَّهُ إِلَيْكَ سَبْعَ سِنِينَ فَأَدِّبْهُ بِأَدَبِكَ فَإِنْ قَبِلَ وَصَلَحَ وَإِلاّ فَخَلِّ عَنْه»‏ الكافي، ج6، ص47 من الواضح أن المحبة في غير محلها مضرّة.

<iframe src="https://www.youtube.com/embed/g5QD8ef0ZBY" "="" frameborder="0">

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد