الشيخ علي مرتضى الباشا
كثيرًا ما نعتذر للآخرين عن تخلفنا أو تأخرنا بسبب (ظرف طارئ). والعجيب أن تحصل (الظروف الطارئة) لعدة أشخاص ترتبط معهم ببرنامج ما؛ في وقت واحد!! وكأن الظروف الطارئة تتقصد عمدًا أن تصيب الطلاب الذين يحضرون هذا الدرس، أو ما شابه.
نحن هنا لنبحث أنواع الظروف الطارئة التي نستعملها في الاعتذار:
النوع الأول: الظروف الطارئة الواقعية:
ومثال ذلك: حادث مروري تسبب في تأخرك في الوصول، أو مرض شديد منعك من مغادرة الفراش لعدة أيام. هذه الأمثلة لم تكن بالحسبان، ولم يكن بمقدورك تخمين حصولها أو اجتنابها. وهنا ينبغي أن نؤكد على أن صرف (الظرف الطارئ) لا يقتضي التقديم على الالتزامات المسبقة، فالبعض يغيب عن الدرس بحجة الذهاب بالابن إلى الطبيب، علمًا أن بمقدوره أن يأخذ ابنه إلى الطبيب قبل الدرس أو بعده.
النوع الثاني: التساهل في معيار الظروف الطارئة:
فالبعض يصنّف كل أمر لم يكن بباله مسبقًا ضمن (الظروف الطارئة) وذلك باعتبار حدوثه وطروئه على البال بعد أن لم يكن. وينبغي أن نلتفت إلى أنه بعد أن تساهل في المعيار، فقد أصبح هذا الأمر المستجد مصداقًا واقعيًا للظرف الطارئ بالمعنى المذكور. وبالتالي يعطي صلاحية لهذا الأمر المستجد ليزاحم ويتقدم على التزاماته المسبقة، بغض النظر عن الارتباط والالتزام أو الأهمية أو الأسبقية أو غيرها، لأنه يؤمن بأن عنصر (الطروء) يكفي للتقديم على كل ما سواه. وفي الحقيقة، فالإنسان هنا لا يميز بين (الطروء) و(الطوارئ)، فتأمل جيدًا.
النوع الثالث: التجوّز في تسمية (ظرف طارئ):
في كثير من الحالات لا يريد الإنسان أن يفصح عن السبب الواقعي لرفضه أو تقصيره، فيلجأ إلى عبارات أخرى لإغلاق الطريق أمام من يتحاور معه. مثلاً: إذا دعوت هذا الإنسان لزيارة فلان، وهو يكره أن يرى فلانًا، فهو لا يصرّح بكراهيته، بل يلجأ إلى الاعتذار (أنا مشغول)، أو (ما عندي وقت)، أو (أنا تعبان)، أو (مرتبط بموعد آخر)، أو (عندي ظرف). هو يعلم أن كل هذا العبارات غير واقعية، ولكنه يستعملها بمعنى (لا أريد الحضور لسبب عندي). وكذلك الحال بالنسبة لـ (ظرف طارئ) فالبعض يستعملها بمعنى (وجود حاجة أو غرض أو شغل آخر) حتى وإن لم يكن طارئًا، ولم يكن فيها عوامل التقديم. مثلاً: يغيب عن الحضور في الدرس لظرف طارئ، والظرف الطارئ هو عبارة عن حاجة البيت لشراء الخبز أو بعض الخضروات. وقد وجدت من يتأخر عن مواعيده بسبب انشغاله بالواتساب. والواقع أن (الواتساب) في بعض الأحيان (حاجة) أو (شغل) وليس (ظرفًا طارئًا يستحق التأخر عن الالتزامات).
والنوع الرابع: طوارئ بسبب سوء التخطيط وتنظيم الوقت:
مثاله: الإنسان الذي يهمل الاستعداد للاختبارات، ويتفاجأ بقرب موعدها، سيعيش حالة من الطوارئ والتسابق مع الزمن لتدارك تقصيره في الدروس. هو يعتبر هذا الظرف طارئًا، ويرى نفسه معذورًا، ولكنه في الواقع اضطرار بسبب سوء عمله، فهو ملوم ومقصّر. وكذلك من يهمل كتابة بحث التخرّج إلى أن تبقى مدة قصيرة، فهو يرى نفسه تحت ظروف طارئة، ولكنه بسوء اختياره وتدبيره. وكذلك الشخص الذي يهمل بيته أو سيارته إلى أن تقف وتعطب، ربما يرى هذا عذرًا كافيًا لتغيبه عن واجباته الأخرى لوجود ظرف طارئ يحتاج إلى تصدّي ومعالجة، وفي الواقع أن الأحوج إلى المعالجة والتصدي هو عقله وطريقة إدارته أمور حياته.
وهكذا أصل إلى نتيجة مفادها:
أكثر (الظروف الطارئة التي نعتذر بها) ما هي في الواقع إلا (بسوء تخطيطنا وإدارتنا لأوقاتنا) أو (تساهل في استعمال كلمة طوارئ) أو (تساهل وتوسعة في معيار الطوارئ) أو (طوارئ يمكن تأخيرها) ومن القليل جدًا أن تكون تلك الظروف طارئة بالمعنى الواقعي وبمرتبة تقتضي التخلي عن واجباتنا والتزاماتنا.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم