الإمام الخميني "قدس سره"
اِعلم أنَّ للتَّوبة الكاملة أركاناً وشروطاً، ولولا تحقُّقها لَما تحقَّقت التَّوبةُ الصَّحيحة.
من أهمِّ الشُّروط الّذي يُعدُّ رُكناً ركيناً للتّوبة، هو النّدامةُ على الذَّنوبِ والتَّقصيرِ في أداء التّكاليف الشّرعيّة. ومنها العزمُ على عدمِ العودةِ إلى الذُّنوب نهائيّاً. وفي الحقيقة أنَّ هذَين الأمرَين يُحقِّقان حقيقة التَّوبة، وهما من مقوِّماتها الذّاتيّة. والعُمْدة في هذا الباب، تحصيلُ هذا المقام وإنجازُ هذه الحقيقة، على نَحْوٍ يَتذكَّر الإنسانُ تأثيرَ معاصيه في رُوحه وعواقبِها في عالَمِ البرزخ ويومَ القيامة، كما هو مقرَّرٌ في المعقول والمنقول، ومُبرهَنٌ عليه لدى أهل العلم والمعرفة، ومأثورٌ في أخبار أهل بيت العصمة عليهم السلام، من أنَّ للمعاصي في عالَمِ البرزخ والقيامة صُوَراً تتناسبُ معها، وهذه الصُّوَر في ذلك العالم تكون ذات حياةٍ وإرادةٍ حيث تُعذِّبُ الإنسانَ المُذنب، وتُسيء إليه عن شعورٍ وإرادة. وإنَّ نار جهنَّم أيضاً تُحرِقُ الإنسانَ عن إرادةٍ ووَعيٍ، لأنَّ تلك النَّشأةَ نشأةُ الحياة. .
وكذلك تتركُ كلُّ معصيةٍ في الرُّوح أثراً عُبِّر عنه في الأحاديث الشَّريفة بالنُّقطة السَّوداء؛ وهي ظلامٌ ظَهَرَ في القلب والرُّوح، ثمَّ تتوسَّعُ هذه النُّقطة حتَّى تَسوق الإنسانَ إلى الكُفرِ والزَّندقة والشَّقاوة الأبديّة. فالإنسانُ العاقلُ لو انتَبَه لهذه المعاني واعتَنى بكلام الأنبياء والأولياء عليهم السلام، والعُرَفاء والحُكَماء والعلماء رضوان الله عليهم، بقدر اعتنائه بِقَوْلِ طبيبٍ معالجٍ، لابتَعَدَ لا محالةَ عن المعاصي ولم يَقترب منها أبداً. وإذا ابتُليَ بالمعصية -لا سمح الله- أبْدى بسرعةٍ تبرُّمَه وانزعاجَه منها ونَدِم عليها وظهرت صورةُ نَدَمِه في قلبِه؛ وتكون نتيجةُ هذه النَّدامة عظيمةً جدّاً، وآثارُها حَسَنةً وكثيرة. ثمّ يحصلُ من جرَّاء ندمِه العزمُ على تركِ المعصية وتركِ مخالفة ربِّ العالَمين.
وعندما يتوفَّر هذان الرُّكنان -النَّدم على اقتراف المعصية، والعَزْم على عدم العودة إليها- يَتَيسّر أمرُ سالك طريق الآخرة، وتَغمرُه التَّوفيقات الإلهيّة، لِيُصبح حَسَب النّصّ القرآنيّ ﴿إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ البقرة:222.
أيُّها الإنسان كم أنتَ ظَلومٌ وجَهولٌ؟! ولا تقدِّرُ نِعَمَ وليِّ النِّعَم. إنَّك تَعصي وتُعادي سنين وسنين وليَّ نِعَمِكَ الَّذي وفَّر لك كلَّ وسائل الرَّفاه والرَّاحة، من دون أن تعود منها عليه -والعياذ بالله- بجدوًى وفائدةٍ. وطيلة هذه الفترة قد هَتكْتَ حُرْمَتَه وطَغَيْتَ عليه ولم تَخجل منه أبداً، ولكنَّك إذا نَدمْتَ على ما فعلْتَ ورجعْتَ إليه، أحبَّك اللهُ وجَعَلَكَ محبوباً له ﴿إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ..﴾ البقرة:222، فما هذه الرَّحمة الواسعة والنِّعَمُ الوافرة؟
إلهي! نحن عاجزون عن شُكرِ آلائك، وأَلْسِنَةُ البَشَرِ وجميع الأحياء في هذا الكَوْن مصابةٌ باللُّكْنَة [اللُّكنة: عِيُّ اللّسان، وهو العجزُ عن البيان] تجاهَ الحمد والثَّناء عليك، ولا يَسعُنا إلَّا أنْ نُنَكـِّسَ رؤوسَنا ونعتذرَ لك لِعَدم حيائنا منك. مَنْ نحنُ حتّى نستحقَّ رحمتَك؟ ولكنّ سعةَ رحمتِك وشمولَ نعمتِكَ أوسعُ من تقديرِنا لها: «أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عـَلَى نَفسك».
إلهي أَلْهِمْنا صدراً محترقاً، واقذِف في قلوبِنا جذْوَةً من نار النّدامة، واحرقْهُ مع هذه النّار –النّدامة- الدّنيويّة، وأزِلْ عن قلوبنا الكَدرَ والغَبرةَ، وأَخرِجْنا من هذا العالَم من دون مضاعفاتِ المعاصي، إنَّك وليُّ النِّعَم وعلى كلِّ شيءٍ قديرٌ.
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
فلسفة العمل ومبدأ التنمية المتواصلة
كيف يسمح الدّماغ بشعورين متناقضين؟
المعروف والمنكر والأكثريّة الصّامتة
الإسلام ونظريّة الأخلاق
رؤية المدرسة الإماميّة في جمع القرآن
الشيخ عبدالكريم الحبيل: أخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي