الإمام الخميني "قدس سره"
مَن يتّجه قلبُه إلى الآخرة، تغدو أمورُ الدنيا وصعابُها في نظره حقيرةً سهلة، ويجدُ هذه الدنيا مُتصرّمة، ومُتغيّرة، ويراها مَعبراً ومتجراً وداراً للابتلاء والتربية، ولا يهتمّ بما فيها من ألمٍ وسرور، فتخفّ حاجاته ويقلّ افتقاره إلى أمور الدنيا وإلى الناس، بل يصلُ إلى حيث لا تبقى له حاجة، فيجتمع له أمرُه، وتنتظم أعمالُه، ويفوزُ بالغِنى الذاتيّ والقلبيّ.
كلّما نظرتَ إلى هذه الدنيا بعين المحبّة والتعظيم، وتعلّق قلبُك بها، ازدادت حاجتُك بحسب درجات حبّك لها، وبانَ الفقرُ في باطنك وعلى ظاهرك، وتَشتَّتْ أمورُك واضطربت، وتَزلزلَ قلبك، واستولى عليه الخوفُ والهمّ، ولا تجري أمورُك كما تشتهي، وتكثُر تمنّياتك ويزدادُ جَشَعُك، ويَغلبُك الغمّ والتحسُّر، ويتمكّن اليأسُ من قلبك والحَيرة، كما وردت الإشارة إلى بعض ذلك في الحديث الشريف؛ فقد رُوي في (الكافي).. عن أبي عبدالله الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «مَنْ كَثُرَ اشْتِبَاكُهُ بِالدُّنْيَا كَانَ أَشَدَّ لِحَسْرِتَهِ عِنْدَ فِرَاقِهَا».
وعن أبي يعفور قال، سمعت أبا عبدالله (الصّادق) عليه السلام يقول: «مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِالدُّنْيا تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِثَلاثِ خِصَالٍ: هَمٍّ لاَ يَفْنَى، وَأَمَلٍ لاَ يُدْرَكُ، وَرَجَاءٍ لا يُنالُ».
أمّا أهل الآخرة، فإنّهم كلّما ازدادوا قُرباً من دار كرم الله، ازدادت قلوبهم سروراً واطمئناناً، وازداد انصرافهم عن الدنيا وما فيها. ولولا أنّ الله قد عَيّن لهم آجالهم، لما مكثوا في هذه الدنيا لحظةً واحدة. فَهُم - كما يقول أمير المؤمنين، عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: «نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّتي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ، ولَوْلَا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ، شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ..». جعلنا الله وإيّاكم منهم، إن شاء الله.
إذاً، يا عزيزي، بعد أن عرفتَ مفاسدَ هذا التعلّق والحبّ، وأدركت أن ذلك يُفضي بالإنسان إلى الهلاك، ويُجرّده من الإيمان، ويجعل دنياه وآخرته مُتشابكتَين مُضطربتَين، فشمِّرْ عن ساعد الجِدّ، وقلّل حسب طاقتك التعلّقَ بهذه الدنيا، واقتلِع جذور حبّها من نفسك، واحتقر الأيّام القليلة التي تقضيها في الحياة، وازهد في خيراتها المشوبة بالألم والعذاب والنقمة، واطلب من الله أن يُعينك على الخلاص من هذا العذاب وهذه المحنة، ويجعل قلبك يأنسُ بدارِ كرمه تعالى: ﴿..وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى..﴾ القصص:60.
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبد الجليل البن سعد: الحياة عدو وصديق
الشيخ عبد الجليل البن سعد: حبّ الله ورسوله
الشيخ عبد الجليل بن سعد: الدور المنسي في التعاون
فلسفة العمل ومبدأ التنمية المتواصلة
كيف يسمح الدّماغ بشعورين متناقضين؟
المعروف والمنكر والأكثريّة الصّامتة
الإسلام ونظريّة الأخلاق
رؤية المدرسة الإماميّة في جمع القرآن
الشيخ عبدالكريم الحبيل: أخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)