مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

أخشى أنك ما زلت في عالم طفولتك!

 

الشيخ علي رضا بناهيان
أتذكر حين كنتَ طفلاً إذا انكسرَت سيارتُك أو أعطَبوا دميتَك كم كنت تبكي وتُتلف أعصابك، على أشياء تافهة جداً. 
أتذكر هواجسك؟ هلاّ عدَّدتَها؟ 
ما إن تنهض أمُك وترتدي عباءتها حتى تصرخ وتقيم الدنيا.
ـ لحظة يا بني، الآن أحضنك، دقيقتان، آه لو صبر طفلي هذا دقيقتين!
حتى إذا كبرتَ قلت: كم كان بكائي تافهاً! أخشى أنك ما زلت في عالم الطفولة ذاك! 
علامَ الآن بكاؤنا وانزعاجنا وفرحنا؟ الذي يصبح موحّداً تُسلبُ منه الإثارات الدنيوية قليلاً.
حينما كان إمامنا الراحل رضوان الله تعالى عليه في الطائرة لدى قدومه إلى إيران في الأول من شباط سنة 1979 أجاب الصحفيَّ، إذ سأله عن شعوره: "ليس لدي أي شعور!" ظن الصحفي أنه لم يفهم سؤاله، فكرره على المترجم، وطرح المترجم السؤال ثانية، فقال الإمام: "لكن ليس لدي أي شعور!"


قال: لكنك تعود إلى بلدك، لقد قُمت بثورة، و.. فما شعورك؟
أراد أن يسجل شعوره أن: "أشعر وكأن السُّحُب كلها جنود سماوية ترافقنا..."
ـ كلا، ليس لدي أي إحساس!
يقول الله في حديث قدسي: «يَا أَحْمَد، اِحْذَرْ أَنْ يَكُونَ مَثَلُكَ مَثَلَ الصَّبِيِّ إِذَا نَظَرَ الأَحْمَرَ وَالأَصْفَرَ وَإِذَا اُعْطِيَ شَيئاً مِنَ الحُلْوِ وَالحَامِضِ اغْتَرَّ بِهِ‏.» 
أجل، فالحياة الإيمانية ليس فيها الكثير من الإثارات الأرضية. فعن أمير المؤمنين علي(ع) أن حالة المؤمن في البلاء كحالته في الرخاء: «نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلاءِ كَالَّتِي‏ نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاء». فإن هاجمه شخصٌ تراه هادئاً يقول: "مجنون قذف حجراً"، وإن أصاب ظَفَراً عظيماً قال: "الله هو الذي تلطّف عليَّ به". يبلغ حالة من السكينة، لكن حياته خالية من الإثارات، فكيف نصوغ فيه قصة؟
أجل، الحقيقة هي أن حياة المؤمن الدنيوية لا تعود فيها إثارات، إنه يُظهِر هياجَه في مواطن أخرى، ما هو بطفل. لكن أتخلو حياة هذا الإنسان من أي إثارة؟ متى يبتسم؟ متى ينتحب؟ متى يثور ويضطرب؟ في محراب صلاته، فهناك يثور ثورةً.. ثورة عميقة وعنيفة، لا ثورة سطحية حتى يناولوه منشفة بدلاً عن المنديل ليجفف بها دموعه!! أَبكيتَ يوماً حتى احتجتَ إلى منشفة لكثرة ما ذرفتَ من الدموع؟
إذن الإنسان المؤمن الذي خاض كل الامتحانات فصار كل شيء له كالموجة المستوية، ما الذي يهيجُه؟ ذِكرُ الجنة والنار.. ذِكرُ الفراق والوصال.. 
«مَولايَ بِذِكرِكَ عَاشَ قَلبِي»؛ يا حياة قلبي، بذكرك تستمر حياتي.. فأنا معك. حياته قمة الاهتياج، أنت الذي توقّفتَ هاهنا. أنت مَن تظن أن العرس والموت والعزاء والمأتم وحادث السير والفوز بالجوائز وما إليها مثيرة للغاية. أنت من توقّفتَ هاهنا.. اذهب وانظر ما يجري في العالم.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد