الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
«فأنكروا بقلوبكم» :
هذه هي الخطوة الأولى في القيام بهذا الواجب، فاذا لاحظتم حدوث منكر في المجتمع فلابدَّ من الشعور بالاشمئزاز والنفور منه في القلب. إذا وجدتم معصية ترتكب في المجتمع فلا تقولوا: صحيح أنّها معصية ولكنها شيء بسيط وأمر هيّن. نعم إنهم يقيمون مراكز ثقافية اليوم ولكنَّ الأطفال يتسلّون بها! ويتعلمون شيئًا من الرقص! وشيئًا من الألحان اللطيفة! لأنه في هذا العصر لا يمكن تربية الأطفال من دون اللجوء إلى «الفن»! وما شابه ذلك من تبريرات.
کلا، إنّ هذه المواقف الانهزامية لا تعالج الانحراف، بل لابدّ من التصدي للانحراف، وأول خطوة في هذا المجال هي الشعور بالغضب من الذنب في أعماق القلب. ومن لم يشعر في قلبه بالغضب على حدوث المعصية فإن هذه هي المرحلة الأولى من النفاق، أي انه غير راض بتطبيق حكم الله ولهذا يفرج قلبه بحدوث المعصية.
«والفظوا بألسنتكم»:
أي قوموا بالاعتراض القولي. ولعلّ القول الليّن الذي يؤدّى بحنان وشفقة هو الأفضل في البداية، ولكنه إذا لم ينفع ذلك في الهداية وواجه المذنب الناصح باللامبالاة قائلاً: أنا حرّ فيما أفعل؟ وقلبي يميل إلى هذا الفعل!
فلا مجال حينئذ للطف والليونة، بل لابد من موقف آخر حيث يقول الإمام:
وصكّوا بها جباههم» أي تكلموا معهم بقوة، صارحوا مرتكب المعصية قائلين: أنا أقصدك بالكلام، لماذا تفعل الذنب؟!
ومن الواضح أنَّ مثل هذا الموقف قد يستبتع خطورة على الآمر بالمعروف ولاسيما في ظل ثقافة التساهل والتسامح التي أشيعت في مجتمعنا خلال الفترة الأخيرة، تبدأ من الاتهام للآمر بالمعروف بأنه من أصحاب العنف! وبعيد عن التحضر! ثم تمتد إلى الإيذاء والضرب و تنتهي بالقتل كما حدث في بعض المدن!
وبعض الناس عندما يرى مثل هذه المواقف مع الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر المرخصين رسميًا للقيام بهذه المهمة من قبل الأجهزة القضائية فإنه يستولي عليه الخوف من القيام بهذا الواجب الشرعي.
لكن الإمام يقول إذا واجهتم اللوم على اعتراضكم واتهموكم بالعنف حتى من قبل بعض أصدقائكم فليس أمامكم إلا الصمود على الموقف الحق «و لا تخافوا في الله لومة لائم، لئلا يأتي اليوم الذي ينزل فيه البلاء عليكم فيحرق الأخضر واليابس.
إذن في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابدّ أن نلجأ في البداية إلى الكلام اللطيف والموعظة الحسنة للطرف المقابل، فإن لاحظنا أن هذا اللون من التعامل لم ينفع معه ولم يؤثر فيه اضطررنا إلى الكلام العنيف والإسلوب الخشن وأن لا نهاب أحدًا حتى لو عرضنا أنفسنا للخطر.
عندما يقوم المؤمن بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنّ رد فعل الشخص المذنب إزاء ذلك لا يخلو من إحدى حالتين:
إما أن يتأثر بهذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويُقلع عما فعل.
وإما أن يظهر العناد ويتحدى الأمر بالمعروف ويوجه إليه كلمات مهينة وقد تتعدى الإهانة لتشمل المقدسات الدينية.
فإن تأثر بالأمر بالمعروف وأقلع عن عمله السّيء وعاد إلى الطريق المستقيم فلا حجة لنا عليه بل لابد من التلطف معه والشفقة عليه: «فإنْ اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم» لأن المطلوب قد حصل:
«إنّما السَّبيلُ على الذين يظلمون الناس و يَبغونَ في الأرض بغير الحق أولئكَ لهم عذابٌ أليم».
وأمّا إذا لم يتأثر بالأمر بالمعروف وأصرّ على ظلمه وانحرافه فسوف يتغير التكليف الشرعي ويتعدى حدود الكلام واللوم والغضب «هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وابغضوهم بقلوبكم». إن هؤلاء الذين تمردوا على أحكام الإسلام علنا وتعدوا على مقدساته لابد أن نشعر بالنفور منهم في أعماق قلوبنا ويجب علينا مقاومتهم والنضال ضدهم. لا أن نقول أن الإسلام دين المحبة والرأفة! فاتركوا حبل هؤلاء على غاربهم يفعلون ما يشاؤون.
نعم إنه دين الرأفة والرحمة ولكن في محلها وهو أيضًا دين يأمر بالعنف والخشونة حينما يقتضى الموقف ذلك.
«ابغضوهم بقلوبكم» وكونوا حذرين جدًا فحينما تقرّرون النضال ضدَّ هؤلاء الأشخاص فإنه يتعيّن عليكم أن تستبطنوا نياتكم وأن تتأكدوا من سلامتها، لأنّ الشيطان مترصد للمؤمن ولاسيما في مثل هذه الحالات.
فالشيطان لا يتصدّى لتارك الصلاة حتى يُرغّبه في الرياء، لأنّ هذا الإنسان لا صلاة له حتى يُرائي فيها. أمّا إذا دخل المؤمن في الصلاة ولاسيما إذا كان في المسجد وأمام الناس فإن الشيطان يوسوس له حتى يزيد في مدَّ قوله تعالى «ولا الضّالين» ليُـثير إعجاب الناس بقراءته!
وكذا الأمر بالنسبة لمن لا يشارك في حضور مجالس العزاء وإنّما يذهب إلى دور السينما والمسرح وغيرها فالشيطان لا غرض له معه حاليًّا لأنه بنفسه سالك سبيل الباطل وسائر نحو جهنم. أما إذا جاء إلى مجلس العزاء فالشيطان يوسوس له بأن يتظاهر بالبكاء حتى يخيل للآخرين أنّه حزين ومخلص، وليُعجب الناس به على أساس أنه من أهل الولاية! أن الشيطان يتحرك نحو الإنسان حينما يكون سائرًا في طريق الحق.
مادام الإنسان غير منتسب إلى أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الشيطان لا غرض له في الوسوسة له لأنه رفيقه فهو شیطان آخر. لكنّه عند ما ينوي القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن طريقه قد انفصل عن طريق الشيطان ولهذا يتجه الشيطان للوسوسة له. كالشخص الذي يذهب للقتال في سبيل الله فالشيطان يوسوس له بأن يمهّد لنفسه حتى يظفر بالقدرة فينال غدًا منصبًا.
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الإسلام وميول الإنسان
شروط البحث
الزهراء للإمام عليّ: اشتملت شملة الجنين (1)
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة