مقالات

مراتب وآثار قسوة القلب

 

الشيخ حسين مظاهري 
قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر: 22)
ولهذه القساوة )الناتجة عن المعصية (مراتب ولكلّ مرتبة بحسب الضّعف والشدّة آثار شؤم وهي:
 1 أن يُذهب حلاوة العبادة عن قلبه فتكبر عليه الصلاة، وتشقّ عليه النفقات الواجبة والمستحبّة وقراءة القرآن والإتيان بالأدعية والأذكار، وعند أهل القلوب وإنْ كانت هذه القساوة من أضعف مراتبها ولكنّ أثرها من البلايا عظيمة، كما عدّ ذلك منها في لسان المعصومين عليهم السلام.
عن أبي عبد الله عليه السلام: "إنَّ الرَّجُلَ يَذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحْرَمُ صَلاةَ اللَّيْلِ، إنَّ الْعَمَلَ السَّيء أسْرَعُ في صاحِبِهِ مِنَ السكّينِ فِى اللَّحْمِ"
ومعنى حرمانه عن صلاة الليل يُحتمل أن يكون أن لا يوفّقه الله لها...
 2 أن يذهب أبّهة الذّنب عن قلبه فيصير له أمراً عادياً وهذا هو من أشدّ البلايا على الإنسان...
عن أبي عبد اللّه عليه السلام: "ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتّى تغلب عليه فيصيّر أعلاه أسفله"
 3 أن يخلو قلبه عن الرّحمة فيصير كالحجارة أو أشدّ قسوةً فلا ينشأ منه خير وإن نشأ منه خير فلدنياه لا لآخرته فلا خير في قلبه.
قال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)} (البقرة)
ولا تتوهّم أنّ ذلك أمرٌ يسير لا خطر له، لأنّ الإنسان إنْ خرج عن قلبه العطف والرأفة والرّحمة فهو شرّ الدّواب، سيّما إذا حاز الاقتدار على أمور الناس يشهد بذلك التاريخ العام، فنرى في بسيط الأرض وأرجائها ثلّة من القاسية قلوبهم لا شيء لهم أحلى وألذّ من سفك دماء النّاس وإهلاك الحرث والنّسل، كما نرى اليوم في العالم من القتل والنهب واسترقاق النّاس بأيدي الدول العظمى...
وليس هذا كلّه إلّا لاستبدال الرحمة والرأفة في قلوبهم بالعلم والمدنية غير المتّصفة بمبادئ الإنسانية.
4  إنّ اقتراف الذّنب على الذّنب يوجب تسلّط العصيان على القلب فيموت القلب به.
عن رسول اللّه صلّى الله عليه وآله: "أربع يُمتنَ القلب: الذّنب على الذّنب، ومحادثة النّساء، ومماراة الأحمق تقول ويقول ولا يرجع إلى خير، ومجالسة الموتى، فقيل له: يا رسول اللّه وما الموتى؟ قال: كلّ غني مُترف"
وإذا مات القلب فلا يُمكن أن يتفقّه شيئاً ممّا يجب عليه أن يفقهه...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد