الشيخ محمد تقي مصباح يزدي
”إلهي انظُر إلَيَّ نَظَرَ مَن نادَيتَهُ فَأجابَكَ وَاستَعمَلتَهُ بِمَعونَتِكَ فَأطاعَكَ “
لأجل توضیح هذا المقطع من المناجاة الشعبانية يجب الالتفات إلى نقاط عدة:
١- ذكرنا أنّ لسان المناجاة هو لسان التضرع وطلب العفو وأمثال ذلك وهذا ما يتطلّب لحناً خاصاً.
٢- توجد بيننا وبين الله سلسلة من الروابط والنِّسب التي تكون ثابتة على الدوام ولا تتعرض لأدنى تغییر، کنسبة الخالق إلى المخلوق التي لا تتبدل. فالله تعالى هو الخالق دوماً ونحن البشر مخلوقون، وكذلك علاقة الرازق والمرزوق وأمثال ذلك، التي تعد من الروابط التي لا تقبل التغيير.
وتوجد نسب أخرى أيضًا تتبدل بتبدلنا نحن البشر، فمثلًا نحن لسنا أهلًا للرحمة الإلهية، لكن يمكننا، من خلال إجراء بعض التغييرات، أن نصبح مشمولین برحمة الله. فالذي تغير هو حالنا لا الرحمة التي هي في حالة دائمة من الإفاضة. ففي حال المعصية، تكون العلاقة بيننا وبين الله هي علاقة <<عدم إفاضة الرحمة>>. وبعد المغفرة، تصبح العلاقة علاقة إفاضة الرحمة.
٣- إن الرابطة بيننا وبين الله هي رابطة تكوينية لا اعتبارية، فنحن لا يمكن تغييرها. كألوهية الله ومخلوقيتنا، فالله خالقنا تكويناً ولا يمكن لأي مخلوق أن يغير هذه الرابطة، حتى أن الله لا يغير رابطة الخالق والمخلوق، وذلك لأن القدرة لا تتعلق بالمُحال. فمن المحال أن يصبح البشر إلها، لهذا فإن تغيير هذه الرابطة غير ممكن.
فالله تعالى ربٌّ تكويناً وخالقٌ ومدبرٌ ورازقٌ لنا. إن الأسماء الحسنى التي تُذكر عادةً في دعاء الجوشن الكبير وأمثاله (غير بعض الصفات مثل الحيّ والعلیم و... والتي هي من صفات الذات سواء كنّا موجودين أو لا) لها مفاهيم إضافية؛ أي قد لوحظ فيها الربط بين الخالق والمخلوق. فأحيانًا تكون هذه الرابطة تكوينية وغير قابلة للتغيير، وأخرى تكون جعلية؛ أي ينبغي أن نقوم باختيارنا بأداء فعل ما لكي نغير هذه الرابطة، ونحن نطلب من الله أن يغير هذه الرابطة. الأشخاص العاديون هم في الغالب ممن يقومون بالأعمال الحسنة والسيئة. فعلى سبيل المثال، الإيمان بالله ومناجاته هي من أعمالنا الحسنة، وباختلاف حالاتنا تختلف نسبة العلاقة بيننا وبين الله، فالرابطة حين الطاعة تختلف عن الرابطة في حال المعصية.
وفي هذا المقطع من المناجاة نقول: "اللهم! نحن عصاة وفي الوقت نفسه نؤمن بك".
اللهمّ ! إنك قادر أن تنظر إلينا على نحوين: فإما أن تنظر إلى معاصينا ونكون في هذه الحالة نحن العصاة وأنت الذي عصيناه، وإما تنظر إلى أفعالنا الحسنة، كالإيمان والطاعة، وفي هذه الحالة نكون نحن المطيعون وأنت المطاع.
إلهى! انظر إلينا كنظرك إلى أهل طاعتك، لا إلى أهل معصيتك.
انظر إلينا نظرة لطف لا نظرة قهر. وفي بعض الأدعية، نقول: «انظر إلينا نظرةً رحيمة» ؛ أي افعل ما من شأنه أن يوجد تلك الظروف في أنفسنا التي تجعلنا أهلا لعطفك ولطفك. بالطّبع، إن هذا الحوار والمناجاة نفسهما هما علامة على تغيير الحال، التغيير من حالة الغفلة والجهل، إلى حالة التّوجه والأنس.
اللهم! أنت قادرٌ على أن تنظر إلى عبد ذليل وعاصٍ من مقام المقتدر الجبار القهار، وقادر على أن تنظر من مقام المولى العطوف الرحيم، إلى عبدٍ خاضع طائع يطلب العفو، يجيبك حين تناديه، و يطيعك حين تأمره.
«نظر من ناديته» هي إضافة الى المفعول لانّه متعلقٌ بالنظر، أي أنّ المنظور إليه هو الذي أجاب ندائك (لا أنّه قد نظر). لقد دعوتني في القرآن وقلت: «ادعوني أستجب لكم». كنت قد أمرتني وأنا أطعتك. بالطبع، لقد قمت بهذا العمل بعونك وتسديدك، مثلًا، من خلال القدرة التي أوجدتها فيّ أو التوفيق الذي أفضته علي، فلا تنظر إليّ بعين الغضب.
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)
الأمّة المستخلفة
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (1)