الإمام الخميني "قدّس سرّه"
ما أودّ التحدّث عنه هو أحد مقاطع خطبة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في استقبال شهر رمضان، حيث يقول صلى الله عليه وآله وسلم إنّ الله تعالى دعاكم لضيافته؛ أي أنّكم ضيوف الله تعالى في الشهر المبارك. فالله تعالى هو صاحب الضيافة والمخلوق ضيفه. ومثل هذه الضيافة بالنسبة إلى الأولياء الربّانيّين الكمّل، ليست بالنحو الذي نتصوّره أو الذي ندركه. لذا، ينبغي أن نتأمّل لنرى ما هي الضيافة، وكم خطونا على طريقها.
بابُ الترك
صحيح أنّ جميع العالم تحت الرحمة الإلهيّة، وأنّ كل ما موجود هو من رحمته، وأنّ رحمته وسعت كلّ شيء، غير أنّ باب الضيافة باب آخر، والدعوة إلى الضيافة مسألة أخرى، وكلّ ما فيها عبارة عن ترك؛ ترك الشهوات من قبيل الأكل، والشرب، والأهواء، والأنانيّة، والأمانيّ. ولا بدّ لنا من التأمّل لنرى هل دخلنا حقّاً دار الضيافة أم لم ندخلها أصلاً؟ هل سمحوا لنا بدخولها أم لم يسمحوا؟ هل استفدنا من هذه الضيافة الإلهيّة أم لم نستفد؟ هل غضضنا الطرف عن الشهوات، ولا سيّما الشهوات النفسيّة، أم لم نغضّ الطرف عنها؟
اغنتموا فرصة الشباب
على الشباب أن يتنبّهوا إلى أنّ بوسع المرء إصلاح نفسه في فترة الشباب. فكلّما تقدَّمَ الإنسان في العمر يزداد إقباله على الدنيا. فالشباب أقرب إلى الملكوت، بينما الشيوخ كلّما مضى بهم العمر عُرض عليهم ما يبعدهم عن الله..
عيد الفائزين
عليكم أن تدركوا أنّكم إذا ما خرجتم من هذه الضيافة فائزين، حينها سيكون لديكم عيد. العيد هو للذي وجد طريقه إلى هذه الضيافة واستفاد منها. ومثلما ينبغي ترك الشهوات الظاهريّة، يجب الحؤول أيضاً دون الشهوات الباطنيّة التي تشكّل سدّاً منيعاً أمام الإنسان.
مفاسد الأهواء
إنّ المفاسد كلّها التي تحصل في العالم هي لأنّ الناس لم يدخلوا في هذه الضيافة، وإذا ما دخلوا فيها لم يستفيدوا منها. الخطاب عامّ للناس جميعاً. كلّكم دُعيتم إلى ضيافة الله، وجميعكم ضيوفه. فإذا كانت هناك ذرّة واحدة من هوى النفس لدى الإنسان، لم يدخل الضيافة، وإذا دخلها لم يستفد منها. إنّ كلّ هذا الصخب والتكالب على الدنيا، وعدم حلّ قضايانا، والدخول في الحرب والجدال، سببه أنّنا لم نستفد من هذه الضيافة، ولم نلبِّ دعوة الله، ولم ندخل في شهر رمضان المبارك أصلاً، وإنّما امتنعنا عن الأكل والشرب فقط.
لبّوا الدعوة
اسعوا لتلبية هذه الدعوة إلى الله وإلى شهره. وإذا ما سمح لكم بالدخول ووجدتم طريقكم إليها، سوف تحلّ المسائل كلّها. فإنّ فطرة الإنسان فطرة إلهيّة، والجميع متّجهون إلى الله، ولكنّ التوجّه إلى الدنيا، الذي هو توجّه ثانويّ ومعوجّ، يحول دون ما ينبغي أن يكون.
وإذا ما كنتم دخلتم في هذه الضيافة، فسوف تعجز أيادي الأعداء عن فعل شيء. فالإنسان إذا ما أدرك حقّاً حقيقة هذه الضيافة، سيجد حلّاً للمسائل التي تواجهه كلّها، ويحول دون أيّ اختلاف.
ضيافة شهر رمضان تعزّز الأخوّة
سبق لي أن ذكرت، لا بدّ من البحث والنقاش مثلما يفعل طلبة العلوم الدينيّة، فحينما كانوا يتناقشون ويتباحثون، كان المرء يتصوّر أنهم يتخاصمون، ولكن عندما ينتهي النقاش، يجلسون معاً في غاية الودّ والألفة. إذا لم يكن لدى أيّ شعب تباين في الميول والاتجاهات، فإنّ ذلك يُعتبر نقصاً. لا بدّ من التباين في الميول، والاختلاف في الرأي، والبحث، والنقاش، ولكن يجب أن لا يكون ذلك مدعاة إلى التناحر، والانقسام، وخلق العداوة فيما بينهم. ففي الوقت الذي نشكّل فئتين وجناحين، نكون إخوة وأصدقاء فيما بيننا.
ساعة موقوتة
إنّ الشهر المبارك هو بمثابة ساعة موقوتة تعمل بصورة تلقائيّة طالما بقي التوقيت. وإنّ آثار هذه الضيافة يجب أن تحافظ على الإنسان وتصونه حتّى الشهر المبارك من العام القادم، وهكذا يبدأ من جديد. وذلك كلّه يقتضي أن نكون قد دخلنا في ضيافة الله تعالى، وإنّي آمل أن نكون قد دخلنا هذه الضيافة، وأن ينعم الجميع هذا العام بالصحّة، والسلامة، والسعادة.
الإنسان يصنع آخرته
نسأل الله تعالى أن يوقظنا بمشيئته، وأن ندرك أنّنا لا نعمّر سوى أيّام معدودة. فبعد مائة عام لن يكون هناك خبر عمّا يجري الآن. إنّ الذي يأخذ بيد الإنسان إلى جهنّم أو إلى الجنّة هو ذاته. فإذا مات ينتقل إلى العالم الآخر الذي أعدّه بنفسه؛ إذ إنّ كلّ ما فيه من فعله نفسه. فاحرصوا على الإصلاح في هذا الوقت، وفي هذه الأيّام.
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
عدنان الحاجي
الشيخ محمد الريشهري
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان