مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

الفرق بين العرفان والتصوف

السيد جعفر مرتضى

فإن العرفان على قسمين :

أحدهما : العرفان النظري ، وهو يُعْنى بتفسير الوجود ويبحث عن الله ، وعن العالم وعن الإنسان ، ولكنه يعتمد في الوصول إلى الحقيقة وفي الاستدلال عليها على الكشف ، ثم يوضح بلغة العقل ، ما يشاهده بالقلب .

ويرى العارف أن وجود الله هو الأساس ، وكل ما عداه ما هو إلا أسماء ، وصفات ، وشؤون ، وتجليات له تعالى . .

الثاني : العرفان العملي وهو الجانب الذي يتعلق بعلاقة الإنسان مع نفسه ، ومع ربه ، ومع العالم . وهذا ما يسمى بالسير والسلوك ، الموصل إلى قمة الإنسانية ، وهو التوحيد التام ، الذي يطوي إليه المنازل والمراحل في سلوكه هذا ..

والتوحيد الحقيقي عند العارف هو أن يدرك ، أو فقل أن يصل إلى مرحلة لا يرى فيها إلا الله ، أو أن الوجود الحقيقي هو لله ، وكل ما عداه فليس سوى مظهر ، وليس بوجود .

وإنما يصل العارف إلى هذه المرحلة بالمجاهدة ، وتصفية النفس ، وتهذيب الأخلاق ، لا بالاستدلال العقلي ، والعارف يربي نفسه على التزام حدود الشريعة ، وعلى أن يستفيد منها في ترتيب برنامج رياضته الروحية ، من خلال اهتمامه بالعبادات والمستحبات ، وبعد الالتزام التام بأحكام الشرع ، لكي يصل من خلال ذلك إلى الله سبحانه . .

أما الصوفية ، فهم أناس يعرفون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم بلبس الصوف إظهاراً منهم للتقشف والزهد في الدنيا . .

ولهم تأويلات عجيبة للآيات القرآنية ، وتنسب إليهم اعتقادات باطلة ، وأقاويل سقيمة .

ولعل من جملة ما يميزهم كثيراً عن أهل العرفان : أنهم لا يهتمون كثيراً بالرياضة والسلوك ولا يهتمون بالعبادة ، ولا يجهدون أنفسهم فيها ، ولعل ذلك بسبب أنهم يرون أن الجذب الإلهي ، ونيل المراتب ، قد يشمل حتى من لم يطو أي مرحلة من مراحل السير والسلوك إلى الله ، فيصل من خلال ذلك الجذب إلى درجة المعرفة والشهود ، من دون بذل أي مجهود . .

ويسمي الصوفية طريقة السالك إلى الله؛ بالترقي لأنها سير من الأدنى إلى الأعلى ، وطريقة المتصوفة بالتدلي ، والسالك العارف يصل إلى الله بدلالة آثاره ، وأسمائه وصفاته ، والصوفي يصل إلى الله بالجذب ، والكشف ، وينتقل منه إلى شهود صفاته ، ومعرفة أسمائه وآثاره ، وهذا هو الذي يستحق أن يكون شيخاً وولياً . .

وإن كان بعض الصوفية يرى أن العارف أيضاً السالك قد يصل إلى درجة الولاية والشيخية . .

وهم يعتقدون في أنفسهم ـ كما يقول السراج الطوسي ـ : « أنهم أمناء الله عز وجل في أرضه ، وخزنة أسراره وعلمه، وصفوته من خلقه ، فهم عباده المخلصون ، وأولياؤه المتقون ، وأحباؤه الصادقون الصالحون ، منهم الأخيار والسابقون ، والأبرار والمقربون ، والبدلاء والصديقون ، هم الذين أحيى الله بمعرفته قلوبهم ، وزين بخدمته جوارحهم ، وبهج بذكره ألسنتهم ، وطهر بمراقبته أسرارهم ، سبق لهم منه الحسنى ، بحسن الرعاية ، ودوام العناية ، فتوجهم بتاج الولاية » .

ثم يستمر في كلامه : « إلى أن طبق عليهم قوله تعالى: ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ... ﴾  

فتجد أنهم يجعلون لأوليائهم نفس المقامات التي جعلها الله لأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . .

وعلى كل حال ، نقول : من أراد أن يلم ببعض ما ينسب إلى هؤلاء الناس من ترهات وأباطيل ، ومن تصرفات وأقاويل ، وأضاليل ، فليراجع كتاب : فضايح الصوفية ، وكتاب تنبيه الغافلين .

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد