يتّهم بعض الكتّاب الغربيين الأديان على أنّها هي سبب التفرقة والنزاع بين أفراد البشر، وهي السبب في إراقة الكثير من الدماء، فالتاريخ شهد الكثير من الحروب الدينية، وهكذا سعوا إلى إدانة الأديان واعتبارها من الأسباب المثيرة للحروب والمخاصمات.
وإزاء هذا القول لا بدّ من الانتباه إلى ما يلي:
أولاً: إنّ الاختلافات لا تنشأ في الحقيقة بين الأتباع الصادقين لدين من الأديان، بل هي بين أتباع الدين ومخالفيه. وإذا ما شاهدنا صراعًا بين أتباع مختلف الأديان، فإنّ ذلك لم يكن بسبب التعاليم الدينية، بل بسبب تحريف التعاليم والأديان وبالتعصّب المقيت ومزج الأديان السماوية بالخرافات.
ثانيًا: إنّ الدين ـ أو تأثيره ـ قد انحسر اليوم عن قسم من المجتمعات البشرية، ومع ذلك نرى أنّ الحروب قد ازدادت قسوة واتساعًا وانتشرت في مختلف أرجاء العالم. فهل أن الدين هو السبب؟ أم أنّ روح الطغيان في مجموعة من البشر هي السبب الحقيقي لهذه الحروب، ولكنّها تظهر اليوم بلبوس الدين، وفي يوم آخر بلبوس المذاهب الاقتصادية والسياسية، وفي أيّام أخرى بقوالب ومسمّيات أخرى؟! وعليه فالدين لا ذنب له في هذا، إنّما الطغاة هم الذين يشعلون نيران الحروب بحجج متنوّعة.
ثالثًا: إنّ الأديان السماوية ـ وعلى الأخصّ الإسلام ـ التي تكافح العنصرية والقومية، كانت سببًا في إلغاء الحدود العنصرية والجغرافية والقبلية، فقضت بذلك على الحروب التي كانت تثار باسم هذه العوامل. وعليه فإن الكثير من الحروب في التاريخ قد خمدت نيرانها بفضل الدين. كما أنّ روح السلام والصداقة والأخلاق والعواطف الإنسانية التي ترفع لواءها جميع الأديان السماوية، كان لها أثر عميق في تخفيض الخصومات والمشاكسات بين مختلف الأقوام.
رابعًا: إنّ من رسالات الأديان السماوية تحرير الطبقات المحرومة المعذّبة، وكانت هذه الرسالة هي سبب الحروب التي شنّها الأنبياء وأتباعهم على الظالمين والمستغلّين، من أمثال فرعون والنمرود. إنّ هذه الحروب التي تعتبر جهادًا في سبيل تحرير الإنسان، ليست عيوبًا تلصق بالأديان، بل هي من مظاهر فخرها واعتزازها وقوّتها. إنّ حروب رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم مع المشركين من العرب والمرابين في مكّة من جهة، ومع قيصر وكسرى من جهة أخرى، كانت كلّها من هذا القبيل.
هناك عدّة أهداف للأديان الإلهيّة، منها تهذيب النّفوس البشريّة وإيصالها إلى مقام القرب الإلهي، ولكن من أهمّ الأهداف أيضًا هو رفع الاختلافات.
لأنّ هناك بعض العوامل من قبيل القوميّة واللّغة والمناطق الجغرافية دائمًا ما تكون عوامل تفرقة بين المجتمعات البشريّة، والأمر الّذي بإمكانه أن يوحّد هذه الحلقات المختلفة ويكون بمثابة حلقة اتّصال بين أفراد البشر من مختلف القوميّات والألوان واللّغات والمناطق الجغرافية هو الدّين الإلهي، حيث بإمكانه أن يهدم جميع هذه السدود، ويزيل تمام هذه الحدود، ويجمع البشريّة تحت راية واحدة بحيث نرى نموذجًا من ذلك في مناسك الحجّ العباديّة والسياسيّة.
وعندما نرى أنّ بعض الأديان والمذاهب هي السبب في الاختلاف والنّزاع بين طوائف البشر، فلأنّها قد خالطتها الخرافات واقترنت بالتّعصب الأعمى، وإلّا فإنّ الأديان الإلهيّة لو لم تتعرّض للتحريف لكانت سببًا للوحدة في كلّ مكان.
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الفيض الكاشاني
السيد عادل العلوي
الشيخ محمد علي التسخيري
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي رضا بناهيان
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الانتظار الموجّه (1)
في رحاب سورة العصر (2)
لكي يزدهر الفكر في المجتمع ما هو العامل الأكبر؟
لدى المكفوفين خريطة دماغ للملاحظات البصريّة أيضًا
(تاروت الجزيرة الخضراء ومرفأ الأزمنة) جديد الدّكتور أحمد المعتوق
التّمركز بوصفه ثقافة كولونياليّة جائرة
محاضرة للدّكتور كميل الحرز بعنوان: (أخلاقيّات السّرد، أخلاقيّات المسرود)
حملة التبرّع بالدّمّ (دمك دمهم) بالخويلديّة، تفاعل وتكافل
إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
في رحاب سورة العصر (1)