مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

بعض مصاديق الشّرك الخفي وعلائمه

1- إذا التفت أحدٌ -بدون التوجّه إلى الله- إلى أشخاص أو إلى أشياء ويريد أن يستدّل بها على التوحيد وإثبات الله فقد ابتلي بالشرك الخفي، لأنّ النّظر إلى أيّ شيء إن كان قبل النّظر إلى الله، فذاك حجابٌ وهذا ممّا ابتلي به الكثير من المؤمنين، لأنّ الأوحدي من أهل الإيمان يعتقدون بأنّنا لا نرى شيئاً إلّا وقد نرى الله قبله ومعه وبعده.

 

2- إذا ما زعم أحدٌ بأنّ المال والمقام والعلم أو أي شيء آخر قد حصل عليه هو نتيجة جهده فقد ابتلي بالشرك القاروني في الفكر، وكان يقول: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}، فهذا النوع من الاعتماد على النفس والإحساس بالاستقلالية في مقابل الاعتماد والتوكّل على الله، فهذا من مصاديق الشرك الخفي.

 

3- النّظر في مال الآخرين وقدرتهم، وأن يكون الالتفات في أحداث الكون إلى غير الله والتكلم بهذا الكلام الدارج العامي: أوّل الله والثاني فلان، أو إن لم يكن فلان شخصًا أو ما كان فلان شيئًا لكنت من الهالكين، فكلّ هذه الأمور من علائم الشرك الخفي.

 

وروي عن أبي عبد الله (ع) في ذيل قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}، أنّه قَالَ: هُوَ اَلرَّجُلُ يَقُولُ: لَوْلاَ فُلاَنٌ لَهَلَكْتُ، وَلَوْلاَ فُلاَنٌ لَأَصَبْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَوْلاَ فُلاَنٌ لَضَاعَ عِيَالِي، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكاً فِي مُلْكِهِ يَرْزُقُهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: فَيَقُولُ: لَوْلاَ أَن مَنَّ اَللَّهُ عَلَيَّ بِفُلاَنٍ لَهَلَكْتُ؟ قَالَ: نَعَمْ لاَ بَأْسَ بِهَذَا. لأنّ هذا التعبير دالٌ على أنّ كل مشاهد العالم وظواهره مجرى للفيض الإلهي وهذا عين التوحيد.

 

4- ومن المصاديق البارزة للآية السابقة هو "الرياء" الذي هو نوعٌ من الشرك العملي، وقد سُمّي في روايات المعصومين (ع) بالشرك الأصغر، قال رسول الله: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اَلشِّرْكُ اَلْأَصْغَرُ، قَالُوا وَمَا اَلشِّرْكُ اَلْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ؟ قَالَ: اَلرِّيَاءُ".

 

وسرّ خطورة هذا الشرك الخفي هو أنّه مثل المرض غير المعلوم ولا يفكّر في علاجه أحدٌ، لذا كان الرسول الأكرم (ص) يتخوف منه...

 

5- السّمعة: والسّمعة عبارة عمّا يوصل الإنسان إلى الآخرين بأنّه يقوم بالأعمال من أجل الله، في حين أنّه ليس كذلك (في العبارة إشكال والمعنى اهتمام المرء بأن يُتحدّث عنه بالذكر الحسن والكلام الجميل)  وفي ذيل الآية الكريمة: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} نُقل عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "اَلرَّجُلُ يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ اَلثَّوَابِ لاَ يَطْلُبُ بِهِ وَجْهَ اَللَّهِ، وَإِنَّمَا يَطْلُبُ تَزْكِيَةَ اَلنَّاسِ، يَشْتَهِي أَنْ يُسْمِعَ بِهِ اَلنَّاسَ، فَهَذَا اَلَّذِي أَشْرَكَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً"...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد