يطلق لفظ الإمام في اللغة على معان: منها الطريق: لأنه يقود السّائر إلى مقصده، ومنها ما يقتدي الناس به في هداية، أو ضلالة، قال تعالى: «وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ».. وقال في آية أخرى: «وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ».
وقد يكون الإنسان إمامًا إذا كان متبوعًا في شيء، ومأمومًا تابعًا في شيء آخر.. هذا بحسب اللغة، أما بحسب الدين والشرع فان الإمام يطلق على من يؤم الناس في الصلاة إلا أنه لا يستعمل في ذلك إلا مقيدًا، فيقال إمام الجمعة والجماعة..
وإذا كان مطلقًا غير مقيد فإنه يستعمل في معنيين: الأول في النبي، ومرتبته أعلى مراتب الإمامة. الثاني يستعمل في وصي النبي.. والإمام بمعنى إمامة النبوة والرسالة، وإمام الوصاية والخلافة متبوع في كل شيء غير تابع لغيره في شيء في زمن إمامته.
والإمام بمعنى النبي يفتقر إلى النص من اللَّه بواسطة الروح الأمين، وبمعنى الوصي لا بد فيه من النص من اللَّه سبحانه على لسان نبيه الكريم، وشرط هذا النص أن يكون بالاسم والشخص، لا بالصفات وصيغة العموم فقط، كما هي الحال في المجتهد والحاكم الشرعي، بل بالنص الخاص الذي لا يقبل التأويل، ولا التخصيص، ولا مجال فيه إطلاقًا للّبس، أو احتمال العكس، ومن هنا يتبين أن إطلاق لفظ الإمام من غير قيد على غير النبي، أو غير الوصي محل توقف وتأمل، وغير بعيد أن يكون محرمًا، تمامًا كإطلاق لفظ وصي النبي على غير الإمام المعصوم.
ومهما يكن، فإن قول هذا الإمام نبيًّا كان، أو وصيًّا هو قول اللَّه، وهداه هدى اللَّه، وحكمه حكم اللَّه الذي لا يحتمل العكس.. ومن ادعى شيئًا من ذلك لنفسه دون أن يثبت النص القطعي عليه بالخصوص فهو مفتر كذاب..
وخير ما قرأته في صفة الإمام قول الإمام الأعظم زين العابدين (ع) في الصحيفة السجادية: «اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علمًا لعبادك، ومنارًا في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك، وجعلته الذريعة إلى رضوانك، وافترضت طاعته، وحذرت معصيته، وأمرت بامتثال أوامره، والانتهاء عند نهيه، وأن لا يتقدمه متقدم، ولا يتأخر عنه متأخر - أي يبقى متابعًا له - فهو عصمة اللائذين، وكهف المسلمين، وعروة المؤمنين، وبهاء رب العالمين».
هذه هي أوصاف من يختاره اللَّه إمامًا لعباده.. وبديهة أن الإمامة بمعنى النبوة والوصاية تستدعي العصمة، ولا تنفك. عنها بحال، بل هي هي، لأن الأعمى لا يقود أعمى مثله، والأقذار لا تطهر أقذارًا مثلها، ومن كان عليه الحد لا يقيم على غيره الحد.
واستدل الشيعة الإمامية بقوله تعالى: (جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) على أن الإمامة لا تكون إلا بجعل من اللَّه سبحانه، ويؤيده طلب إبراهيم منه جل وعز أن يجعل أئمة من ذريته، وإذا كانت الإمامة بالجعل منه تعالى احتاجت بحكم الطبيعة إلى النص منه.
وأيضًا استدل الشيعة الإمامية بقوله تعالى: «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» على وجوب العصمة للنبي والوصي، ووجه الدلالة أن اللَّه قد بيّن صراحة أنه لا يعهد بالإمامة إلى ظالم، والظالم من ارتكب معصية في حياته مهما كان نوعها، حتى ولو تاب بعدها، حيث يصدق عليه هذا الاسم، ولو آنًا ما، ومن صدق عليه كذلك فلن يكون إمامًا.
وتشاء الصدف والظروف أن ينشأ غير علي في حجر الشرك والرجس، وعبادة الأصنام، وأن ينغمس في أرجاس الجاهلية إلى الآذان، وأن لا ينطق بالشهادة إلا بعد أن عصي عوده، وبعد أن شبعت الأصنام منه، ومن سجوده لها، وشاء اللَّه لعلي بن أبي طالب أن ينشأ في حجر النبوة والطهر، وأن يكيّفه محمد (ص) وفقًا لإرادة اللَّه، وهو طري ندي، وأن ينزل الأصنام من على عروشها، ويلقي بها تحت أقدام محمد.
وهنا سؤال نلقيه على كل عاقل منصف، ليجيب عنه بوحي من عقله ووجدانه، وهو: مال لقاصر ورثه عن أبيه، ولا بد له من ولي يحرص ويحافظ عليه، ودار الأمر بين أن نولي عليه رجلًا لم يعص اللَّه طرفة عين مدى حياته، لا صغيرًا، ولا كبيرًا، وبين أن نولي عليه رجلًا عصاه أمدًا طويلًا، وهو بالغ عاقل، ثم تاب وأناب، فأيهما نختار: الأول أو الثاني؟.
ويكفي دليلًا على عصمة أهل البيت (ع) شهادة اللَّه لهم بالعصمة في الآية 33 من الأحزاب: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ، ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»..
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ باقر القرشي
السيد ابو القاسم الخوئي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد الريشهري
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد عباس نور الدين
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
مذهب الظاهرية
الحواس لوحدها تخوننا
الإسلام محبّة ومودّة
التّدبّر في القرآن ومعرفة تفسيره
الإنسان ونموّه في اجتماعه
يا مَن أرجوه لكلّ خير
القرآن وسبل تربية المجاهدين وتشجيعهم على الجهاد (2)
زكي السالم: عشّمتني بالحلق خرّمت أنا وداني
مدى قدم الشيعة في التفكير الفلسفي والكلامي في الإسلام
أمثال لقمان في الأمّة الإسلامية