إنّ الله تعالى يتحبب إلى عباده بالنّعم: «تتحبّب إلينا بالنّعم، ونعارضك بالذنوب» ومن شقاء العبد وبؤسه أن يتحبّب الله تعالى اليه، وهو الغني عن عباده، ولا يتحبّب العبد إلى مولاه، وهو الفقير إليه عزّ شأنه.
إذن نتساءل كيف يتحبّب العبد إلى ربّه؟
بين أيدينا نصّ من حديث قدسي بالغ الأهميّة، وقد استفاضت رواية هذا النصّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق ثقات المحدّثين. ولست أشكّ في صحّة رواية هذا الحديث القدسي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله، نظراً لتواتر روايته في كتب الفريقين المعتمدة. وهذا النصّ يوضح لنا كيف نتحبب إلى الله. وإليكم النصّ برواية البرقي عن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو بعض طرق هذا النصّ:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «قال الله تعالى: وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنافلة حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما ترددت في شيء أنا فاعله كتردّدي في قبض نفس المؤمن يكره الموت، وأكره مساءته».
وهذا النصّ يتضمّن مجموعة من النقاط، نشير إليها إجمالاً:
وأولى هذه النقاط: أنّ أكثر وأبلغ ما يتقرب به العبد، ويتحبب به إلى الله هو الفرائض. وهذه خصوصية للفرائض من صلاة، وصوم، وحج، وزكاة، وخمس، وما عدا ذلك من الفرائض، لا توجد في غيرها.
والنقطة الأخرى دور (النافلة) في تقريب العبد إلى الله، وتحبيبه إليه، وهو يأتي في سلسلة أسباب القرب والحب، بعد دور (الفريضة).
ولا يزال العبد يواظب على (النوافل)، ويستمرّ عليها حتى يحبه الله.
والنقطة الثالثة في هذا النصّ عن نتائج وآثار حبّ الله تعالى لعبده. «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به» ولا ينال هذه المرتبة من الرزق إلّا ذو حظّ عظيم عند الله، فيكون الله عينه التي بها يبصر، ولسانه الذي به ينطق، ويده التي بها يبطش بها. ومن يكن الله عينه التي بها يبصر، كانت لعينه بصيرة نفّاذة لا تخطئ ولا تزيغ، ومن يكن الله تعالى لسانه الذي به ينطق، فلا يقول إلّا الحق، ولا يتحرك لسانه في لغو أو باطل، ولا يفتر لسانه عن ذكر الله، ومن يكن الله يده التي بها يبطش، فلا يُغلب ولا يُقهر، ومن يكن الله تعالى سمعه الذي به يسمع، وعينه التي بها يبصر، فلا يلتبس عليه الحق بالباطل، ويرى الحق حقاً، ويرى الباطل باطلاً، ويسمع الكلام، فيميز حقه من باطله، وصدقه من كذبه، وهداه من ضلاله، ويری الناس فيميز المؤمنين منهم عن المنافقين، والصادقين عن الكاذبين، ويسير في حياته كلها بنور الله وهديه، وهدايته ودلالته، فلا يتيه ولا يضلّ.
والنقطة الرابعة في هذا الحديث الشريف استجابة الله تعالى لدعائهم «إذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته».
وفي أولياء الله وعباده الصالحين مَن لا يردّ الله تعالى لهم دعاءً، ولا يخيّب لهم ظنّاً، ولا يكلهم لأنفسهم طرفة عين، يعصمهم ويسدّدهم، ويأخذ بأيديهم، ويمنحهم البصيرة والهدى، ويسيّرهم على صراطه المستقيم، ويملأ قلوبهم نوراً وهدیً... أولئك الذين يحبّون الله فيحبّهم الله.
السيد محمد حسين الطبطبائي
الفيض الكاشاني
عدنان الحاجي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
محمود حيدر
الشيخ جعفر السبحاني
الشهيد مرتضى مطهري
الشيخ محمد جواد البلاغي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب