نسرين نجم ..
الكتابة رسالة إنسانية بالدرجة الأولى، نواجه ونتحدى من خلالها الحياة التي تصفعنا بألم فنرده بأمل عبر قلم مليء بالإيمان بعدم الانكسار، وبالحرية التي تحفظ كرامة الإنسان، وهذا ما ميز كتابات الكاتبة زكية سلمان الآتية من بيئة تهوى الأدب والشعر، كيف لا وهي بنت الأحساء. عن الكتابة ما لها وما عليها كان لنا معها هذا الحوار:
* مشوار الألف ميل بدأ بخطوة:
يولد حب الكتابة مع الإنسان فيتنفسه عشقًا ويكتبه بلهفة، فيصبح توأمه الروحي الذي لا غنى عنه، وهذا ما حصل مع الكاتبة والشاعرة زكية سلمان والتي بدأت هذه العلاقة الوثيقة مع الكتابة بخطوة: "بدأت رحلتي في الكتابة منذ المرحلة المتوسطة، كنت عاشقة لمادة التعبير، ودائمًا ما تلقى نصوصي استحسانًا من المعلمة.. وصرت أكرر قراءة النصوص الشعرية والمقالات النثرية التي بين زوايا المجلات والجرائد.. ثم أني أنتمي إلى عائلة وقرية ومنطقة لديها الحس الأدبي العالي". وهي تعتبر الكتابة: "ملاذًا آمنًا للصامتين في هذه الحياة المليئة بالثرثرة!".
ولأنها تعشق الكتابة وتسعى للأفضل، فقد عملت على تعزيز هذه الموهبة لديها: "منذ ولوجي لعالم المنتديات في عام ٢٠٠٦. قبل ذلك كانت كتاباتي بين طيّات الورق ولا أحد يطّلع عليها سواي، ركزت كثيرًا على القراءة والكتابة في آن واحد، وتقبل النقد، والتقييم الذاتي، حيث كنت حريصة جدًّا ولا أتسرّع في نشر أي نص إلا بعد مراجعته وتدقيقه أكثر من مرة..".
وكما هو معروف فإن الأحساء منطقة غنية بالشعراء والأدباء، الأمر الذي يدفعها أكثر للتعلق بالمكان والتأثر والتأثير به: "الأحساء هي ملهمة كل الشعراء والأدباء الأحسائيين، ولا يمكن لشاعر أن يلتقي بالأحساء ولو عابرًا إلا وألهمته .. الأحساء تمنحني حسًّا ريفيًّا يُشبهني لا سيما وأني قروية وأفتخر بإحسائيتي وقرويتي كثيرًا … والمكان مهم جدًّا فالكاتب يشبه المكان الذي ينتمي إليه والذي سينعكس كثيرًا على نصوصه وهذا أيضًا ما ألاحظه في كثير من الشعراء ..".
البعض يعتبر بأن الكتابة تفرض طقوسًا معينة على كاتبها عن هذه النقطة تقول: "ليست طقوسًا بقدر ما هي حالة روحية شعورية تهبط على الكاتب مثل وحي لا يمكنه إلا وأن يعطيه حقه في هيئة نص أو قصيدة، ليست بالضرورة في مكان معين، وليس بالضرورة مع موسيقى أو فنجان قهوة أو إشعال شمعة… الكاتب رفيقه الإلهام، نستطيع أن نقول إن الصباح ملهم، والليل ملهم، والطريق ملهم، والوجوه والطبيعة... وحتى خلال ذهابي إلى عملي كثيرًا ما يراودني شعور أو رغبة بالكتابة وتخطر على بالي فكرة نص ما… أدونها سريعًا وربما أعود إليها لاحقًا فأكملها ..".
* الكتابة والحياة:
منّا من يكتب ليعبر عن ما يختلج داخله من مشاعر، والبعض الآخر يكتب ليوصل رسالة معينة، أما بالنسبة لزكية سلمان فعندما سألناها، لماذا تكتب، أجابت: "اسمحي لي أن أقرأ سؤالكِ كالتالي، لماذا تبكين؟ لأجيبك.. نَكتُبُ على سَبُّورة الدَّمعِ،
فالبكاء أغنية السعداء .!
لربما نسعد بكاءً،
فمن منّا لم يَبْكِ.!
لم يُجَاوِر حائط الوجَعْ ليَحْتضِنهُ بصَّمتْ
يُلَمْلِم شَعْثَ الخَوفِ ، والحَاجَةِ، والضَّياع،
يَغْمُر وجْهَه بكَفيّه،
يَخْتَبئ تحت لحَافٍ قَصِير،
لا يَسْتُر جسده الهَالك تحت الظَّلام.!
نبكي لأنَّ في البكاء يتساقط الوجع كسفا،
نبكي لأنَّ في البُكاء اغتسالًا من إثم الذكرى، وخطيئة الحنين،.!
نبكي لأنَّ الألم في البُكاء يكُون أكثر أناقة وأكثر بهرجة..!
نبكي لأن الوسائد تسألنا عن أحلامنا كل إغفاءة يأس،
لتُسْمِعنَا تنهِيدة تضج بها المسامع،
فنبكي علّنا نعثر عليها في خريطة الدمع تلك.!
نبكي لأننا نرى في الشَّجرة العارية، خريف الفقد.!
ونتنفَّسُ من رائحة البن، شبق الحَنين..!
من عواء الرِّيح، موَّال الخوف،
ومن نبات الفلاة، رهبَّة الغُربة
ومن انزواءِ الفراشات، لعنة الضوء،
ومن هيَّبة الكراسي، غرور الحياة،
ومن خَبَايا الوجُوه، أسرار الأقنعة
ومن رائحَةِ المطَر، أنفاس الرَّاحلين.!
نبكي لأن البُكاء كحل اليَّتامى،
وبضَاعة الفُقراء التي لا تسترد .!
في دكاكين فارِغة إلاَّ من منديل صبرٍ وتعفف
نبكي لأن البكاء تأوَّه مخبوء،
خلف صَدرٍ مشجُوجٍ حتَّى الوريد.!
لأنَّ البُّكاء تزكيّة وتعريّة.!
ولأنَّ البُكاء كمظلَّة مطريّة،
ننزلق برفقتها حيث ذَاكرة موبوءة بهم !
نبكي لأنَّ وحده البُكاء لا يسرق
ولهذا نحن نكتب أيضًا.."
ولأنها تكتب بكاءً لتكحل العيون بالأمل، سألناها عن القلم النسوي في عالمنا العربي، هل أخذ حقه؟ وما هي عناصر قوته وضعفه؟ فأجابت: "القلم النسوي قوي جدًّا، لكننا وللأسف ما زلنا في مجتمع عربي يسلط الضوء على الرجل. سواء كان في المحافل الأدبية أو حتى المنشوارات الأدبية، نحتاج إلى منصات ثقافية وأنديّة حيّة على نطاق واسع تهتم بالأقلام السنوية وتستقطبها، تحثّها على الظهور بدلًا من المواراة والخجل ..".
وحول سؤالنا، إلى أي حدّ يعبّر ما تكتبه عن شخصيتها؟ تقول: "أكتب ما يعبر عن هذه الحياة، ما يعبر عن مشاعر الآخرين وعن مشاعري وعن كل الأشياء والتفاصيل من حولي... ما أكتبه ليس بالضرورة يُشبهني.. لكن أسلوب الكاتب هو ما يشبهه، حيث أن كل كاتب يترك بين النص بصمته التي تحفظ له حقوقه..".
وبالنسبة إليها فالكتابة: "الكتابة ليست بديلًا عن مواجهة المواقف والحياة، بل هي حديث إلى الذات والأشياء وغربلة كل مصاعب الحياة واختصارها في هيئة نص تستريح من خلاله من بعد مجابهات حياتية لا تنتهي.."
البعض يعتبر بأن كتابة المرأة عن ألمها وأملها وعن مشاعرها خاصة تجاه الرجل فيه من الجرأة، فهل توافق الكاتبة سلمان على ذلك؟ تقول: "الجرأة في التعبير عنصر قوة إذا لم يقصد به الابتذال، ومن أبسط حقوق المرأة أن تعبّر عن مشاعرها بالكتابة، أي تصنيف مرعب هذا الذي يطالبها أن تكون خجولة حتى في التعبير عن الألم والأمل والرجل الذي هو نصفها الآخر في هذه الحياة...!"
تقول الكاتبة زكية سلمان: "أحيانًا نحتاج أن نمضغ الجرح جيدًا كي لا نغص به" فسألناها نمضغ الجرح أو نكتب عنه لنشفى منه؟ فكان جوابها: "نمضغه جيّدًا، ونكتب عنه وفي كلاهما نجاة...! .."، وفي مكان آخر تكتب: "أنا عصفورة الكتابة... لا أكتب خلف القضبان... لا ألتفت أثناء الطيران... لا ترهبني هواجس السلطان". فطرحنا عليها هذا السؤال: إلى أي حد لامست كتاباتكم الحرية وأية حرية تلك؟ تقول: "من لا يكتب بحرية ليس بكاتب... أو لنسميه كاتب في المعتقل!! الحرية في الكتابة هي أن تجعل النص يأخذك دون أن تلقي عليه مجموعة من التحذيرات والتعليمات... أكتب عن ذاتي عن الآخرين عن الوطن عن الحب دون أن أخشى ما قد يواجهني من قيل وقال... لا سيما وأن الحرية لا تعني الإخلال بالآداب والذوق العام ..."
وعن رصيدها الأدبي حتى الآن تقول: "غواية زرقاء مدونة أطل عليها من حين لآخر... بالإضافة إلى مجموعة من النصوص الأدبية النثرية المتنوعة ما بين الوطن والحب والحرب..". وبالنسبة لنشاطاتها الحالية والمستقبلية: "تركيزي في مجالي المهني أبعدني قليلًا عن الكتابة، لكن ربما استأنف البدء في أول إصدار لي خلال السنة القادمة إن شاء الله…"
أما بالنسبة لمن يرغب بدخول هذا العالم سيما الفتيات فهي تنصح كل فتاة بالتالي: "أطلقي العنان لمشاعرك وقلمك، أقرأي كثيرًا وأكتبي أكثر، تقبّلي النقد، اجعلي عنوانك في بداية كل نص الحرية أولًا وأخيرًا... النص الذي لا أجنحة له لا يصل إلى أكثر من قلب.. ثقافة الكاتب مهمة جدًّا لأنها حتمًا ستنعكس على كتاباته...".
النسيان لا يذكرني
ذاكرتي حيّة
مزدحمة، وضوضاء
تشبه جدران الحيّ ، أو أسوار المقابر
التي يخربش عليها المارّة وربما الأموات أيضاً
بما هو مفهوم وما لا يُفهم!
ذاكرتي لا تطوى
قاسية مثل البلور
جافة مثل الصبار
ونتنة مثل جيفة
مكتظة ومبهمة مثل غابة وعرة
تتهاوى فيها الأشجار مسجاة على بعضها
مثل قتلى بعد معركة خاسرة
نقش!
منقوش على كفي مثل حناء أحسائي بلون التوت
تبرق بين عيني مثل نجم تائه
تخرج من بين أصابعي مثل نبتة يزاحمها الضوء
تتلبد بين شفاهي مثل أغنية قديمة تشجي القلب!
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان