عن الإمام علي (ع): "الخطّ الحسن يزيد الحقّ وضوحًا"، فالخطّ مدرسة عريقة فنّيّة راقية، فيها الجمال البصريّ والفنّيّ، خطوطها أشبه بخطوط الحياة ما بين القساوة واللّيونة، ولكلّ خطّ مزاياه وقواعده وجماليّته، أنواعه متعدّدة وفيها الفخامة، سيما مع استخدام التّطوّر التّقنيّ، وقد أعطت رونقًا خاصًّا للعبارات التي نردّدها، وكشفت لنا أسرارًا حولها، لذلك كان لنا هذا الحوار مع الفنّان والخطاط الرّقمي صادق السّليمان.
حاورته: نسرين نجم
لكلّ فنّ من الفنون أسلوبه وطريقته في إرسال رسائل معيّنة تخدم قضيّة ما، أو تضيء عليها بطريقة استثنائيّة، وهنا نسأل: كيف يمكن للخطّ أن يخدم قضيّة عاشوراء؟
(الفنون تتميّز عن بعضها البعض، ولكلّ فنّ نكهته الخاصّة وشكله المتميّز وتأثيره على المتلقّي. الإنسان البدائيّ وثّق حياته وما يجري فيها برسوم ورموز بسيطة قد لا تصف الحال بدقّة، وذلك لافتقاره للكتابة الوصفيّة، ولذا كان من أعظم ما أنتجته البشريّة، النّقلة النّوعيّة في التّواصل والتّوثيق، بتحويل الصّوت المسموع إلى شكل حرف مقروء، يمكن فيه وصف دقائق الأمور بشكل تفصيليّ. ومع تقدّم البشر على مر الأزمان اعتُني بالخطّ والكتابة، والخطّ العربيّ هو أحد أعظم الخطوط التي شهدت عناية خاصّة جدًّا، خصوصًا بكتابة القرآن الكريم، كيف لا وقد ذكر القلم فيه: "نون والقلم وما يسطرون"، وللخطّ إسهام كبير في قضيّة الإمام الحسين عليه السّلام، فقد تمّ توثيق القضيّة به، وعلى مرّ العصور وبتطوّر وسائل التّوثيق، انتقل الخطّ لمرحلة الفنّ، فبه تُكتب العناوين والشّعارات والكلمات الحسينيّة بشكل مبهر وجاذب، فجماليّة الخطّ هو بسهولة تفسير الكلمة التي لا تحتاج لخلفيّات فنّيّة عميقه أو ثقافيّة، فتصل للمتلقّي مباشرة، ويتفاعل مع مضمونها تلقائيًّا).
عندما نعرّف الأستاذ صادق السّليمان، نعرفّ بأنّه خطّاط رقمي، ولربما يتوقّف البعض عند معنى "خطّاط رقمي". ما الفرق بينه وبين الخطّاط الأصيل؟
(كان الخطّاط الأصيل أو ما يُعرف بالكُتاب هم المسؤلين عند التّدوين والكتابة لوضوح خطّهم وحسنه، فعن الإمام عليّ عليه السّلام: "الخطّ الحسن يزيد الحقّ وضوحًا". فأدوات الخطّاط الأصيل ثابتة ومعروفة من القلم والحبر والورق المصقول وغيرها من الأدوات التّقليديّة.
ومع التّطوّر التّقنيّ المبهر، أصبحت الكتابة والتوثيق تتمّان عن طريق الحاسب الآليّ والأجهزة المحمولة، وذلك لتعدّد البرامج ولسهولة الكتابة والتّعديل والمشاركة. وقد أفادت تلك التّقنيّة الفنّانين بشكل عامّ، فأصبح بالإمكان استخدام البرامج لإنجاز مخطوطات بشكل رقميّ تحاكي الخطّاط الأصيل، وهذا ما يميّز الخطّاط الرّقميّ، بأنه يستخدم التّقنيّة بإنتاج لوحات خطّيّة وذلك عن طريق الكتابة المباشرة باستخدام البرامج والأدوات الإلكترونيّة، بحيث تكون جميع الخطوات رقمية بدون أية وسائط تقليديّة أخرى، وهذا ما أطلق عليه "خط رقمي". وفي بعض الأحيان تكون المخطوطة بيد خطّاط أصيل، ولكن تتمّ رقمنتها ومعالجتها باستخدام البرامج، وهذ جزء من مهارات التّصميم الجرافيكيّ أو المعالجات الرقميّة).
ما بين خطّ كيتوس وخطّ سليماني والخطّ العربيّ، ما هي خصائص كلّ منها وأين تلتقي؟
(الخط العربي الأصيل يُختصر في الخطوط السّتّة (الثّلث، النّسخ، الكوفيّ، الدّيوانيّ، الفارسيّ، والرّقعة) مع ملاحظة أنّ هناك خطوطًا كثيرة يعلم بها المتخصّصون، وهذه الخطوط هي نتاج مدرسة عريقة جدًّا تعاقب عليها خطّاطون عظماء وانتقلوا بها لمراحل الكمال البصريّ والفنيّ، فمنها ما يعرف بالخطوط اللّيّنة كالثّلث والنّسخ، وما يعرف أيضًا بالخطوط الصّلبة كالخطّ الكوفيّ.
كلّ خطّ له مزاياه وقواعده، بصريًّا كلّ خطّ له تأثير على المتلقّي، مثلاً خطّ الثّلث وهو سيّد الخطوط وأصعبها كما يتعارف عليه الخطّاطون، يعطي طابعًا إسلاميًّا قويًّا، ولهذا تُزيّن به المساجد والحسينيّات والأبنية ذات الطّابع الإسلاميّ أو الرّسميّ، لأنّ له فخامة مميّزة، وإذا احتجنا لكتابة واضحة وجليّة، فخطّ النّسخ هو المنشود لذلك، وينطبق ذلك على بقيّة الخطوط. وانتشر مؤخرًا بعض الخطوط الحديثة كخطّ المعلّى والوسام وسفير والمقيم، وهي خطوط ذات جانب فنيّ محض. فجميع الخطوط تلتقي في وجود قواعد للأحرف من حيث الطّول والعرض والزّوايا.
كانت البداية مع خطّ سليماني كتجربة أوّليّة، ومع خطّ كيتوس المستوحى من خطّ المعلّى وسفير وخطّ الثّلث، نضجت التّجربة بشكل جيّد، والفرق ما بين الخطّين هو في مقدار اللّيونة والسّماكة وشكل الأحرف، وتعدّد أشكال الأحرف في خطّ كيتوس أكبر منه في خطّ سليماني، فالخطّان يأخذان الطّابع الفنيّ المحض في التّراكيب اللتي تعتمد على الجماليّة أكثر مـمّا هي مقروءة).
إذا أردنا أن نتعرّف إلى كيفيّة صناعتك للخطوط، مَن يلهمك لصناعتها؟
(هنالك نوعان، خطّ له قواعده وتراكيبه، وخطّ طباعيّ كمبيوتريّ.
الخطوط الطّباعيّة هي السهل الممتنع، التي تعتمد على أشكال هندسيّة غرافيكية يتمّ تصميمها ومن ثمّ برمجتها لتصبح خطًّا حاسوبيًّا. أمّا الخطّ الذي يعتمد على القواعد والنّسب الهندسيّة، باعتقادي أنّه صعب ويحتاج لوقت طويل لتطويره وتطويعه. مع تطوّر وسائل التّواصل أصبح التّعرّف إلى إنتاجات فنيّة مختلفة ومن ثقافات متعددة سهلًا ويسيرًا، فهنالك العديد من الأشخاص الملهمين في هذا العالم. كلّ منطقة يتميّز فنّانوها بطابع مختلف ومميّز، وكلٌّ له تأثيره. فمثلاً خطّاطو منطقتنا ملهمون في الخطّ الأصيل، أما الأخوة في لبنان والشّام ومصر فيتميّزون بالخطوط الجرافيكيّة والطّباعيّة، والإيرانيّون ملهمون في الجانب الفنيّ والتّراكيب الجميلة).
كيف يمكن أن يجتمع شكل الكلمة المخطوطة مع الكلمة ومضمونها؟
(قبل البدء بأيّ عمل، يتمّ اختيار العبارة بما تمثّله من إيمان مبدئي أو أثر نفسيّ وفلسفيّ، وعلى ضوئها يتمّ تصميم المخطوطة بشكل تشكيليّ كأن تأخذ العبارة شكلًا رمزيًّا يظهر المعنى ويجسده، أو تكون تركيبة فنّيّة وجماليّة. بالنّسبة لعبارة "يا ثار الله" تمّ تصميها بشكلّ فنيّ فلسفيّ حيث تمّ دمج "يا" و" ثا" بشكل واحد ليعطي إيحاء بأنّ النقطتين اللتيين تمثّلان النّداء انتقلتا من الأرض للسماء متمثّلة بالنّقاط الثّلاث، هو تركيب بسيط يجسّد سهولة لفظ الكلمة، وتمّ معالجة اللّون ليعطي إيحاء الثأر من الظالم. أمّا عبارة "خير لي مصرع أنا لاقيه"، فاعتمد التّركيب على التّداخل بشكل كبير ليعطي إحساسًا بما تحويه الكلمة من عمق وتشابك وتعقيد، وكأنّ الامتدادات تبيّن البداية والنّهاية لهذة المأساة).
إلى أيّ حدّ تشبه الخطوط خطوط الحياة ما بين الصّلابة واللّيونة والقساوة؟ وما جديد الأستاذ صادق السّليمان؟
(هذا صحيح، في الفنّ البصريّ، الخطوط اللّيّنة تعطي إحساسًا هادئًا وناعمًا يغلب عليها الطّابع المريح للعين وللنّفس، ويرمز لها بالخطوط الأنثوية، والخطوط الصّلبة والقاسية تجسّد القوّة والمتانة، ويرمز لها بالخطوط الذّكوريّة، وما بينهما ما يمثّل عدّة حالات نفسيّة كالخوف والفرح والحزن وما إلى ذلك. حاليًّا أعمل على إحكام قواعد خطّ كيتوس لتكون دليلاً مرجعيًّا يمكن تطويره، بالإضافة إلى خطّين طباعيّين عملت عليهما منذ عدّة سنوات، وتمّ استخدامها في بعض الشّعارات محاولاً برمجتهما ليكونا خطًّا طباعيًّا).
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة
اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع
لا يدرك الخير إلّا بالجدّ
الوصول إلى حالة الانغماس وقياس مستواها
هل يمكن إثبات المعجزة علميًّا؟ (2)
أزمة العلمانية مع الإسلام
تفسير القرآن الكريم بمعناه اللّغوي
البسملة