السيد محمد حسين الطبطبائي ..
اختلف القائلون بأصالة الوجود ، فذهب بعضهم إلى أن الوجود حقيقة واحدة مشككة ، وهو المنسوب إلى الفهلويين ، من حكماء الفرس ، فالوجود عندهم ، لكونه ظاهرا بذاته مظهرا لغيره من الماهيات ، كالنور الحسي الذي هو ظاهر بذاته مظهر لغيره ، من الأجسام الكثيفة للأبصار.
فكما أن النور الحسي نوع واحد ، حقيقته أنه ظاهر بذاته مظهر لغيره ، وهذا المعنى متحقق في جميع مراتب الأشعة والأظلة ، على كثرتها واختلافها ، فالنور الشديد شديد في نوريته ، التي يشارك فيها النور الضعيف ، والنور الضعيف ضعيف في نوريته ، التي يشارك فيها النور الشديد ، فليست شدة الشديد منه جزءا مقومًا للنورية ، حتى يخرج الضعيف منه ، ولا عرضًا خارجًا عن الحقيقة ، وليس ضعف الضعيف قادحًا في نوريته ، ولا أنه مركب من النور والظلمة لكونها أمرًا عدميًّا ، بل شدة الشديد في أصل النورية وكذا ضعف الضعيف ، فللنور عرض عريض ، باعتبار مراتبه المختلفة بالشدة والضعف ، ولكل مرتبة عرض عريض ، باعتبار القوابل المختلفة من الأجسام الكثيفة.
كذلك الوجود حقيقة واحدة ذات مراتب مختلفة ، متمايزة بالشدة والضعف والتقدم والتأخر وغير ذلك ، فيرجع ما به الامتياز فيها إلى ما به الاشتراك ، وما به الاختلاف إلى ما به الاتحاد ، فليست خصوصية شيء من المراتب جزءًا مقومًا للوجود ، لبساطته ولا أمرًا خارجًا عنه ، لأن أصالة الوجود تبطل ما هو غيره الخارج عنه ، بل الخصوصية في كل مرتبة مقومة لنفس المرتبة ، بمعنى ما ليس بخارج منها.
ولها كثرة طولية باعتبار المراتب المختلفة ، الآخذة من أضعف المراتب ، وهي التي لا فعلية لها إلا عدم الفعلية ، وهي المادة الأولى الواقعة في أفق العدم ، ثم تتصاعد المراتب ، إلى أن تنتهي إلى المرتبة الواجبة لذاتها ، وهي التي لا حد لها إلا عدم الحد ، ولها كثرة عرضية ، باعتبار تخصصها بالماهيات المختلفة ، التي هي مثار الكثرة.
وذهب قوم من المشائين ، إلى كون الوجود حقائق متباينة بتمام ذواتها ، أما كونه حقائق متباينة فلاختلاف آثارها ، وأما كونها متباينة بتمام الذوات فلبساطتها ، وعلى هذا يكون مفهوم الوجود المحمول عليها ، عرضيا خارجا عنها لازما لها.
والحق أنه حقيقة واحدة مشككة ، أما كونها حقيقة واحدة فلأنه لو لم تكن كذلك ، لكانت حقائق مختلفة متباينة بتمام الذوات ، ولازمه كون مفهوم الوجود وهو مفهوم واحد كما تقدم ، منتزعًا من مصاديق متباينة بما هي متباينة وهو محال ، بيان الاستحالة أن المفهوم والمصداق واحد ذاتًا ، وإنما الفارق كون الوجود ذهنيًّا أو خارجيًّا ، فلو انتزع الواحد بما هو واحد من الكثير بما هو كثير ، كان الواحد بما هو واحد كثيرًا بما هو كثير وهو محال.
وأيضا لو انتزع المفهوم الواحد بما هو واحد ، من المصاديق الكثيرة بما هي كثيرة ، فإما أن تعتبر في صدقه خصوصية هذا المصداق ، لم يصدق على ذلك المصداق ، وإن اعتبر فيه خصوصية ذاك لم يصدق على هذا ، وإن اعتبر فيه الخصوصيتان معًا لم يصدق على شيء منهما ، وإن لم يعتبر شيء من الخصوصيتين ، بل انتزع من القدر المشترك بينهما ، لم يكن منتزعًا من الكثير بما هو كثير بل بما هو واحد ، كالكلي المنتزع من الجهة المشتركة بين الأفراد ، الصادق على الجميع هذا خلف.
وأما أن حقيقته مشككة ، فلما يظهر من الكمالات الحقيقية المختلفة ، التي هي صفات متفاضلة ، غير خارجة عن الحقيقة الواحدة كالشدة والضعف ، والتقدم والتأخر والقوة والفعل وغير ذلك ، فهي حقيقة واحدة متكثرة في ذاتها ، يرجع فيها كل ما به الامتياز إلى ما به الاشتراك ، وبالعكس وهذا هو التشكيك.
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان