السيد محمد باقر الصدر ..
وأنا لا أدري ، لماذا يسخو المنكرون للاقتصاد الإسلامي بلقب المذهب الاقتصادي ، على الرأسمالية والاشتراكية ، ثمّ لا يمنحون هذا اللقب ، للاقتصاد الإسلامي ، بل يجعلونه مجموعة من التعاليم الأخلاقية.
فمن حقنا ، أن نتساءل : بم استحقت الرأسمالية أو الاشتراكية أن تكون مذهباً اقتصادياً ، دون الاقتصاد الإسلامي ؟.
إننا نلاحظ ، أن الإسلام ، عالج نفس الموضوعات التي عالجتها الرأسمالية ، مثلاً ، وعلى نفس المستوى ، وأعطى فيها أحكاماً ، من وجهة نظره الخاصة ، تختلف عن وجهة النظر الرأسمالية ، فلا مبرر للتفرقة بينهما ، أو للقول ، بأن الرأسمالية مذهب ، وليس في الإسلام ، إلا المواعظ والأخلاق.
ولنوضح ذلك ، في مثالين ، لنبرهن ، على أن الإسلام أعطى آراءه ، على نفس المستوى الذي عالجته المذاهب الاقتصادية.
والمثال الأول : يتعلق بالملكية ، وهي المحور الرئيسي للاختلاف بين المذاهب الاقتصادية. فإن الرأسمالية ، ترى أن الملكية الخاصة ، هي المبدأ ، وليست الملكية العامة إلا استثناء.
بمعنى أن كل نوع من أنواع الثروة ، ومرافق الطبيعة ، يسمح بتملكه ملكية خاصة ، ما لم تحتم ضرورة معينة ، تأميمه وإخراجه عن حقل الملكية الخاصة. والماركسية ، ترى أن الملكية العامة ، هي الأصل والمبدأ ، ولا يسمح بالملكية الخاصة لأي نوع من أنواع الثروة الطبيعية ، والمصادر المنتجة ، ما لم توجد ضرورة معينة ، تفرض ذلك. فيسمح بالملكية الخاصة عندئذ ، في حدود تلك الضرورة ، وما دامت قائمة.
والإسلام ، يختلف عن كل من المذهبين ، في طريقة علاجه للموضوع ، فهو ينادي بمبدأ الملكية المزدوجة ، أي ذات الأشكال المتنوعة. ويرى أن الملكية العامة ، والملكية الخاصة ، شكلان أصيلان للملكية ، في مستوى واحد ، ولكل من الشكلين حقله الخاص.
أفليس هذا الموقف الإسلامي ، يعبر عن وجهة نظر إسلامية على مستوى المدلول المذهبي ، للموقف الرأسمالي والموقف الاشتراكي ؟ فلماذا يكون مبدأ الملكية الخاصة ، ركناً من أركان المذهب الرأسمالي ، ويكون مبدأ الملكية العامة ، ركناً في المذهب الاشتراكي الماركسي ، ولا يكون مبدأ الملكية المزدوجة ، ـ أي ذات الشكل العام والخاص ـ ، ركناً في مذهب اقتصادي إسلامي ؟
والمثال الثاني : يتعلق بالكسب ، القائم على أساس ملكية مصادر الإنتاج. فإن الرأسمالية تجيز هذا الكسب. بمختلف ألوانه ، فكل من يملك مصدراً من مصادر الإنتاج ، له أن يؤجره ويحصل على كسب ، عن طريق الأجور التي يتقاضاها ، بدون عمل. والاشتراكية الماركسية ، تحرم كل لون من ألوان الكسب القائم على أساس ملكية مصادر الإنتاج ، لأنه كسب بدون عمل.
فالأجرة ، التي يتقاضاها صاحب الطاحونة ، ممن يستأجر طاحونته ، والأجرة التي يتقاضاها الرأسمالي ، باسم فائدة ممن يقترض منه ، غير مشروعة في الاشتراكية الماركسية ، بينما هي مشروعة في الرأسمالية.
والإسلام ، يعالج نفس الموضوع ، من وجهة نظر ثالثة فيميز بين بعض ألوان الكسب ، القائم على أساس ملكية مصادر الإنتاج ، وبعضها الآخر. فيحرم الفائدة مثلاً ، ويسمح بأجرة الطاحونة.
فالرأسمالية ، إذن ، تسمح بالفائدة ، وبأجرة الطاحونة معاً ، تجاوباً مع مبدأ الحرية الاقتصادية.
والاشتراكية الماركسية ، لا تسمح للرأسمالي ، بأخذ الفائدة على القرض ، ولا لصاحب الطاحونة ، بالحصول على أجور ، لأن العمل ، هو المبرر الوحيد للكسب ، والرأسمالي ، حين يقرض مالاً ، وصاحب الطاحونة ، حين يؤجر طاحونته ، لا يعمل شيئاً.
والإسلام ، لا يأذن للرأسمالي ، بتقاضي الفائدة ، ويسمح لصاحب الطاحونة ، بالاكتساب عن إيجارها ، وفقاً ، لنظريته العامة في التوزيع ....
مواقف ثلاثة مختلفة ، تبعاً لاختلاف وجهات النظر العامة في التوزيع.
فلماذا يوصف الموقف الرأسمالي والماركسي ، بالطابع المذهبي ولا يقال ذلك ، عن الموقف الإسلامي ؟ مع أنه يعبر عن وجهة نظر مذهب اقتصادي ثالث ، يختلف عن كل من المذهبين.
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)
الأمّة المستخلفة
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (1)