السيد محمد حسين الطهراني
إنّ جميع الكائنات في ضوء الأصول الاعتقاديّة للإسلام ومنطق القرآن هي: أسماء الحقّ جلّ وعلا وصفاته.
وأنّ الخلقة -بمعنى إيجاد الشيء- غير منفصلة عن نطاق الذات الأحديّة واسمها وصفتها وفعلها، وهي (أي الخلقة) تعني ظهور الذات المنزّهة الظاهرة الجليّة وتجلّيها وآيتها ودلالتها.
وكلّ كائن يرتدي خلعة الوجود اسمٌ من أسمائه تعالى.
فهو الحيّ من حيث الوجود والحياة، وهو القادر من حيث قدرة الحقّ بالحجم الذي يتّسم فيه بالقدرة، وهو العالم من حيث علم الحقّ بالقدر الذي يستوعبه من العلم، وهكذا بالنسبة إلى سائر أسماء الباري تعالى شأنه العزيز وصفاته.
فهو يكون تحت الأسماء الكثيرة ويطلق عليه السميع، والبصير، والحكيم، والمريد، والمختار، وغيرها.
لذلك، فإنّ علم الأشخاص بالغيب الإلهيّ بإذنه تعالى لا يعني أنّهم أنفسهم صاروا عالمين بالغيب في مقابل ذات الحقّ، فيكون ذلك مغايراً للتوحيد، بل يعني أنّه عين علمه (تعالى) الذي ظهر فيهم حقيقةً، وهذا هو عين التوحيد.
وأنّ الله لا يعطي الغير مستقلًّا مثقال حبّة من خردل من علمه اللامتناهي، ولا يمكن أن يعطيه، لأنّ هذا العطاء يستلزم نقصان علمه اللامتناهي، بل نقصان ذاته، تعالى اللهُ عَنْ ذَلِكَ.
أمّا العطاء غير المستقل، فلا ينافي التوحيد، بل هو التوحيد نفسه.
إن العطاء غير المستقلّ يعني الظهور والتجليّ والإشعاع والتألّق كالشمس التي تبسط نورها وأشعّتها في العالم، وتنشر ضوءها في كلّ مكان وعلى كلّ كائن اعتباراً من الذرّة حتى الدُّرّة، ومن البسيطة إلى الأفلاك والمجرّات.
وكلٌّ يأخذ منها النور والحرارة فينشأ وينمو بمقدار سعته وحجم ما يستوعبه وجوده، بَيْدَ أنّ النور لا ينفصل عن الشمس، كما أنّها لا تظلّ مشعّة إلى الأبد على الموجودات والكائنات التي تعطيها ضوءها.
فما دامت الشمس في كبد السماء، فإنّها تضيء الأشياء، ولا تهب الأشياء النور، بل لها إشعاع ذو طابع إعاريّ مؤقّت. وإذا ما حان الليل، وغاب منبع النور تحت الأفق، فإنّه يأخذ معه التألّق والنور والظهور، ويترك الأشياء خالية من نوره.
وما ضرّ هذه الشمس التي لا تفصل النور عن نفسها، ولا ينقص نورها في نطاق ذاتها وفعلها أنّ تمنح النور بمقدار ذرّة، أو تمنحه فيشمل جميع عوالم الطبيعة والفضاء غير المرئيّ والكواكب التي لا حدّ ولا حصر لها؟
فالشمس ليست بخيلة، وهي تمنح الجميع نورها، وتلقي شعاعها، وتبسطه بكلّ سخاء.
بَيْدَ أنّ كلّ شيء من الأشياء يأخذ نصيبه منها حسب استعداده، فالذرّة تنال حظّها بمقدار صغرها، وهكذا بقيّة الأشياء كالجبل، والصحراء، والسهل، والبحر، والمحيط، والفضاء الواسع، فكلّ واحد من هذه الأشياء يأخذ نصيبه بما يتمتّع به من استيعاب، وقابليّة، واستعداد.
ويجري علم الله جلّ شأنه على هذا النسق. فالكائنات مرايا وأوعية لتجلّي علم ذاته وتألّقه، وهو تعالى غير ضنين أن يمنّ على الآخرين بعلومه في طابع الظهور واللمعان، سواء كان شعوريّاً، بأن يمنّ بها على ذبابة، أم علميّاً بأن يمنّ بها على الناس العاديّين، والجنّ، والملائكة، والحيوانات، أم علميّاً أيضاً فيفيض بها من خزانته الخاصّة على الإمام و الرسول.
وإذا ما اطلع أولئك على علم الغيب، وغيب الغيب، والسرّ، والسرّ المستور، والسرّ المستسرّ، والخزائن المخفيّة التي لا تصل إليها يد البشر والملائكة، فهو أمر اعتياديّ، ولا ينقص من كبريائه وعظمته حتى بمقدار سمّ الخياط، بل إنّ ذلك هو عين كبريائه و عظمته وجماله المطلق، إذ يجعل كائناً من الكائنات في عوالم الإمكان مرآة لظهور جميع صفاته.
الإمام مرآة، وآية، واسم. غاية الأمر أنّه مرآة تامّة لظهور صفات الباري، ومن مفردات هذه المرآة التامّة علم الباري. {وَلِلَّهِ الأسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في أسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأعراف:180)
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)
الأمّة المستخلفة
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (1)