علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبدالهادي الفضلي
عن الكاتب :
الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي، من مواليد العام 1935م بقرية (صبخة العرب) إحدى القرى القريبة من البصرة بالعراق، جمع بين الدراسة التقليدية الحوزوية والدراسة الأكاديمية، فنال البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية ثم درجة الدكتوراه في اللغة العربية في النحو والصرف والعروض بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، له العديد من المؤلفات والمساهمات على الصعيدين الحوزوي والأكاديمي.rnتوفي في العام 2013 بعد صراع طويل مع المرض.

صفات الباحث

من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الباحث، أو الشروط – كما يعبر عنها بعضهم - والتي يراد بها المؤهلات المكونة لشخصية الباحث:

 

1 - الموهبة

ويراد بها الاستعداد الفطري لدى المرء للبراعة فيما يريد القيام به من سلوك فكريًّا كان أو عمليًّا. ومعنى هذا أن العنصر الأساسي في تكوين شخصية الباحث أن يكون لديه الاستعداد الفطري والقابلية للبحث. والاختبار - عادة - هو الذي يكشف عن مدى استعداد الشخص للبحث أو عدم استعداده، فمتى ما وجد المرء نفسه موهوبًا في هذا المجال، كان هذا هو الخطوة الأولى للانطلاق في تنمية القدرة على البحث لديه.

 

2 - الذهنية العلمية

ويعنى بها - في هذا السياق - القدرة على التفكير تفكيرًا علميًّا. والعامل الذي يساعد على تكوين وصياغة الذهنية العملية لدى الفرد هو ممارسة عملية النقد العلمي وباستمرار، فمتى ما كان هذا، وكان المرء ذا قابلية لأن تكون لديه الذهنية العلمية، وفقًا لأن تصوغ هذه الممارسات العلمية وأمثالها ذهنيته صياغة علمية قادرة على التفكير طبق قوانينه العلمية. والاختبار - أيضًا - هو الذي يكشف عن وجود الذهنية العلمية أو عدم وجودها، ومتى كان الإنسان ذا ذهنية علمية، كانت هذه الخطوة الثانية له للانطلاق في تنمية القدرة على البحث لديه.

 

3 - المنهجية

ويراد بها - هنا - أن يكون المرء عارفًا بأصول المنهج العلمي العام، وقواعد المنهج العلمي الخاص، اللذين يناسبان موضوع بحثه، مع وجود القدرة لديه على هندسة بحثه وفق قوانين المنهجين ليصل إلى نتائج سليمة في بحثه.

 

4 - المعرفة العلمية

وهي أن يكون الباحث متخصصًا في موضوع بحثه أو - على أقل تقدير - ملمًّا إلمامًا وافيًا كافيًا بموضوع بحثه، وكذلك فيما يلابس موضوعه من معارف علمية أخرى يفتقر إليها في البحث.

 

5 - الأمانة في النقل

وهي أن يكون أمينًا فيما ينقله من النصوص أو الآراء أو غيرهما، فلا يقدم على الزيد فيها أو النقص منها، أو التغيير بشكل أو آخر، أو الانتحال، والسرقة، وأن يتوثق من نسبة النص إلى مصدره والرأي إلى قائله.

 

6 - الصدق في القول

وأن يكون صادقًا في كل ما يقوله في بحثه صدقًا يحمله مسؤولية المخالفة أو التزوير أو ما إليهما.

 

7 - الصراحة في الرأي

وأن يكون صريحًا في إبداء ما يتوصل إليه من رأي، لأن الباحث ناشد حقيقة، والحقيقة لا تقبل التضبيب أو التظليم.

 

8 - الموضوعية Objectivity

وهي أن يكون الباحث مع موضوع بحثه فقط، فلا يقحم في مبادئه أو مطالبه أي اعتبار شخصي، وإنما ينظر الأشياء ويتصورها على ما هي عليه، أي من غير أن يشوبها بنظرة ضيقة أو بتحيز خاص. وبتعبير آخر: أن يتجرد الباحث من اعتباراته الذاتية الشخصية، ويدخل الموضوع بذهنية علمية لا تأثير للعواطف عليها، وينتهي منه إلى ما ينهيه إليه. ويقابل الموضوعية : الذاتية Subjectivity، وهي تعني تأثر الباحث باعتباراته الذاتية ونوازعه الشخصية، ولذا عبر عنها بعضهم بالاتجاه التأثري.

 

9 - الوضوح

ويراد به أن يكون الباحث واضحًا في:

- الهدف من البحث

- خطوات البحث

- نتائج البحث

فيبتعد عن الغموض، ويتجنب الانغلاق.

 

10 - الأسلوبية

وهي أن يلتزم الباحث الأسلوب العلمي في بحثه.

 

11 - الأخلاقية

وهي أن يتحلى ب‍ :

أ - الصبر، لأن البحث مسؤولية، والمسؤولية لا بد لها من تحمل، والتحمل بطبيعته يتطلب الصبر.

ب - والمثابرة على مواصلة البحث فلا تثنيه العوائق والصعوبات، بل يعمل على تذليلها وتسهيلها.

ج - الاحترام لآراء الآخرين مهما ضؤلت أو هزلت، ومهما عظمت أو خطرت. ذلك أن الاحترام من أجلّ وأجمل سمات العالم، فلا ينبغي للباحث أن يسقط من شخصيته هذه السمة الجليلة الجميلة.

د - التواضع، فلا يأخذن الباحث الغرور بما قد يصل إليه من نتائج ذات قيمة علمية، لأن الغرور مطية الهلاك. وقال حاجي خليفة في بيان صفات الباحث وشروط بحثه: "وشرط في التأليف: 1 - إتمام الغرض الذي وضع الكتاب لأجله من غير زيادة ولا نقص. 2 - وهجر اللفظ الغريب وأنواع المجاز، اللهم إلا في الرمز. 3 - والاحتراز عن إدخال علم في علم آخر. 4 - وعن الاحتجاج بما يتوقف بيانه على المحتج به عليه لئلا يلزم الدور".

وزاد المتأخرون: "5 - اشتراط حسن الترتيب. 6 - ووجازة اللفظ. 7 - ووضوح الدلالة".

"وينبغي أن يكون مسوقًا على حسب إدارك أهل الزمان، وبمقتضى ما تدعوهم إليه الحاجة، فمتى كانت الخواطر ثاقبة، والأفهام للمراد من الكتب متناولة، قام الاختصار لها مقام الإكثار، وأغنت بالتلويح عن التصريح ، وإلا فلا بد من كشف وبيان وإيضاح وبرهان ينبه الذاهل، ويوقظ الغافل". (1)

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كشف الظنون 1 / 35 - 36 .

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد