الفلسفة
ولأن مجال الفلسفة انحصر الآن في دراسة ما يعرف ب (ما بعد الطبيعة Metaphysics)، وهو مما لا يمكن إخضاعه للملاحظة أو التجربة، لابد من الالتزام في بحث أفكاره بالمنهج العقلي. ولكن، قد يقال: إن الفلسفة الحديثة بعد الانتفاضة العلمية التي أحدثها رينيه ديكارت حيث (بدأ بتحطيم كل اتصالية بالفلسفة القديمة وعفى على كل ما فعل قبله في هذا العلم وشرع بإعادة تحديده بتمامه منذ البداية وكأن أحدًا ما تفلسف قبله قط) - كما يقول شلينگ (1)، و(وضع المبدأ الشهير: لا يجوز للإنسان أن يصدق سوى الأشياء التي يقرها العقل، وتؤكدها التجربة) (2). ومهد به لهيمنة المنهج التجريبي على أبحاث الفلسفة وانهزام المنهج العقلي أمامه.
كيف نلزم بالتزام المنهج العقلاني في الدرس الفلسفي؟!
نقول في جواب عن هذا: إننا إذا أدركنا أن الثورة الثقافية في أوروبا التي أتت على الموروث الفلسفي فبددته، وربما حطمت الكثير منه إن لم نقل كله، لم تمس شيئًا منه مما هو موجود لدينا في مدونات الدراسات الإسلامية. ذلك أن الفلسفة الإسلامية، وكذلك التراث الفلسفي الإغريقي الموجود عندنا، ومثلهما علم الكلام، لا تزال جميعها عقلانية الفكر وعقلانية المنهج، وتدرس وتبحث على هذا الأساس.
فمن هنا ليس الآن لنا ونحن نريد دراسة الفكر الفلسفي الإسلامي أو الإغريقي إلا اتباع المنهج العقلي. وقد نضيف إليه وبخاصة في علم الكلام المنهج النقلي أيضًا.
العلم
وأعني بالعلم - هنا - ما يعرف ب (العلوم الطبيعية) كالفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والفلك والخ، و(العلوم الإنسانية) كالتربية وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم الاقتصاد وعلم الإدارة والخ. ولأن مجالها الطبيعة والإنسان بدراسة ما فيهما من ظواهر، وهي مما يدخل في إطار الملاحظة أو التجربة يأتي استخدام المنهج التجريبي فيها أمرًا طبيعيًّا.
الفن Art
ومجاله التعبير عما يحدث في النفس، ولذا عرفه (المعجم الفلسفي) بأنه (تعبير خارجي عما يحدث في النفس من بواعث وتأثرات بواسطة الخطوط أو الألوان أو الحركات أو الأصوات أو الألفاظ، ويشمل الفنون المختلفة كالنحت والتصوير) (3).
ولأن مجاله التعبير عما يحدث في نفس الإنسان فهو بالعلوم الإنسانية ألصق، وإليها أقرب، فيأتي - لهذا - منهجه المنهج التجريبي.
ملحوظة
وبعد هذا المرور السريع في التعريف لمجالات المعرفة وما يلتقي وطبيعتها من منهج لابد من الإشارة إلى التالي:
1 - أن المناهج المذكورة هي المناهج العامة، وعنها تنبثق المناهج الخاصة...
2 - إن هذه المناهج العامة قد تتداخل فيشترك أكثر من منهج في دراسة مسألة ما إذا كانت المسألة ذات جوانب متعددة ومختلفة. ولنأخذ مثالاً لهذا - بغية الإيضاح - فكرة وجود عوالم أخرى غير عالمنا هذا.
فالبحث الفلسفي في ضوء المنهج العقلي يسلمنا إلى النتيجة القائلة بإمكان وجود عوالم أخرى غير عالمنا هذا، لأن القول بالفكرة لا يلزم منه الوقوع في غائلة الدور أو التسلسل أو التناقض.
والبحث الديني يوصلنا إلى وقوع أو تحقق وجود عوالم أخرى غير عالمنا هذا، لما ورد في حديث جابر الجعفي عن الإمام محمد الباقر (ع): (لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، وترى أن الله لم يخلق بشرًا غيركم، بلى - والله - لقد خلق الله ألف ألف عالم، وألف ألف آدم، أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين) (4).
والبحث العلمي يدلنا على حقيقة تلكم العوالم، أو يكشف لنا على الأقل عن جانب من حقيقة تلكم العوالم، فقد عثرت الكشوف العلمية الحديثة على (هياكل بشرية مشابهة لهيكل هذا الإنسان الحالي، كانت تعيش على الأرض قبل ملايين السنين) (5).
3 - إن أكثر الدراسات المعاصرة لموضوع مناهج البحث أكدت على المنهج التجريبي متجاهلة أو ناسية المنهج العقلي والمنهج النقلي وهما عماد دراساتنا للفكر الإسلامي، متأثرة عن قصد أو غير قصد بالدراسات الغربية في الموضوع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: معجم الفلاسفة 275.
(2) م . ن.
(3) المعجم الفلسفي (مجمع) مادة: الفن.
(4) التوحيد، الصدوق 277.
(5) عقيدتنا، عبد الله نعمة 58.
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ علي المشكيني
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ عبدالهادي الفضلي
عدنان الحاجي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد هادي معرفة
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان