السيد محمد حسين الطباطبائي
القرآن وضعَ مناهجَ الحياة للإنسان
وبعد وضوح هذه المقدّمات، يجب أن يُعلم: أنّ القرآن الكريم مع رعايته للمقدّمات الثلاث المذكورة -أنّ للإنسان هدفاً يجب أن يصل إليه في مسيرة حياته بجهوده، ولا يمكن الوصول إلى هدفه المنشود إلّا باتّباع قوانين وآداب خاصّة، ولابدّ من تعلّم تلك القوانين والآداب من كتاب الفطرة والخليقة- قد وضَعَ مناهج الحياة للإنسان كما يلي:
جَعَل أساس المنهج على معرفة الله تعالى، كما جعل الاعتقاد بوحدانيّته تعالى أوّل الأصول الدّينيّة، ومن طريق معرفة الله دلّه على الميعاد والاعتقاد بيوم القيامة، اليوم الذي يُجازى فيه المحسنُ بإحسانِه والمسيء بإساءته، وجعل المعاد أصلاً ثانياً، ثمّ من طريق الاعتقاد بالمعاد دلّه على معرفة النبيّ، لأنّ الجزاء على الأعمال لا يمكن إلّا بعد معرفة الطّاعة والمعصية، وما هو حسَنٌ وما هو قبيح، ولا تتأتّى هذه المعرفة إلّا من طريق الوحي والنبوّة، وجعل هذا أصلاً ثالثاً.
واعتبر القرآن الكريم هذه الأصول الثلاثة -التوحيد، والنبوّة، والمعاد- أصول الدِّين الإسلامي.
وبعد هذا بيّن أصول الأخلاق المرضيّة، والصِّفات الحسنة التي تُناسب الأصول الثلاثة، والتي لابدّ أن يتحلّى بها كلّ إنسان مؤمن، ثمّ شرع له القوانين العمليّة التي تضمن سعادته الحقيقيّة، وتُنمّي فيه الأخلاق الفاضلة، والعوامل التي تُوصله إلى العقائد الحقّة، والأصول الأوّلية.
وهذا، لأنّنا لا يمكن أن نصدّق أنّ إنساناً يتّصف بعفّة النّفس، ثمّ ينهمك في المسائل الجنسيّة المحرّمة، ويسرق، ويخون الأمانة، ويختلس في معاملاته، كما أنّنا لا يمكن أن نعترف بسخاء شخص يُفرط في حبّ المال، وجمْعه، وادّخاره، ويمنع حقوق الآخرين، أو يبخسهم فيها، وكذلك لا نعتبر رجلاً أنّه مؤمن بالله تعالى واليوم الآخر، وهو لا يعبد الله، ولا يذكره في أيّامه ولياليه. فالأخلاق الفاضلة لا تبقى حيّة في الإنسان إلّا إذا قُورنت بأعمالٍ تُناسبها.
ومثل هذه النّسبة التي ذكرناها بين الأعمال والأخلاق توجد أيضاً بين الأخلاق والعقائد، فإنّ أيّ إنسان مغمور بالكِبر والغرور وحبّ الذات، لا يمكن أن يعتقد بالله تعالى ويخضع لعظمته، ومن لم يعلم طول حياته معنى الإنصاف، والمروءة، والعطف على الضّعفاء، لا يدخل في قلبه الإيمان بيوم القيامة والحساب والجزاء.
يقول تعالى بصدد ربط العقائد الحقّة بالأخلاق المرضيّة: ﴿..إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه..﴾ فاطر:10.
ويقول تعالى في ربط الاعتقاد بالعمل: ﴿ثمّ كان عاقبة الذين أساؤوا السُوأى أن كذّبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون﴾ الروم:10.
الخلاصة
ونتيجة القول: إنّ القرآن الكريم يحتوي على منابع أصول الإسلام الثلاثة، التي هي:
1ـ أصول العقائد. وهي تنقسم إلى أصول الدِّين الثلاثة: التّوحيد، والنّبوّة، والمعاد. وعقائد متفرّعة عنها، كاللّوح، والقلم، والقضاء والقدر، والملائكة، والعَرض، والكرسيّ، وخلق السّماوات والأرضين وأشباهها.
2 ـ الأخلاق المرضيّة.
3 ـ الأحكام الشّرعيّة والقوانين العمليّة التي بيّن القرآن أُسُسَها، وأَوكل بيان تفاصيلها إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وجعل النّبيُّ بيانَ أهل بيته عليهم السلام بمنزلة بيانِه، كما يُعرف ذلك من «حديث الثّقلَين» المتواتر نقلُه عن السُّنّة والشّيعة.
السيد منير الخباز القطيفي
السيد جعفر مرتضى
السيد عادل العلوي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ فوزي آل سيف
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد هادي معرفة
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشهادة بالمنظور القرآني
الارتفاع إلى مستوى الخطاب الحسيني
من أسرار عاشوراء الحسين (ع)
علاقة الموالي بالثورة الحسينية
إنّه ابن عليّ
مع الحسين (ع) من مكة إلى كربلاء (2)
على أعتاب عاشوراء الكرامة
الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون!
ارتباط الوجود وأركانه بالأسماء الإلهيّة
ChatGPT قد يُفسد العقل، لكنّ الحقيقة قد تكون أعقد من ذلك بكثير