في الآية الأولى (بسم اللَّه الرحمن الرحيم) التي تصدرت كل سور القرآن (ما عدا سورة براءة) يعني نعلمكم أن تبدأوا عملكم باسم اللَّه الرحمن الرحيم وتستعينوا به في أداء عملكم وتنفيذ خططكم «1».
إنّ أعمالنا مهما تكن فهي فانية زائلة وصغيرة محدودة، أمّا عندما ترتبط بالذات القدسية الباقية الخالدة التي لا حدّ لها ولا نهاية، فإنّها ستصطبغ بصبغته وتستلهم من عظمته وأزليته.
قدراتنا مهما تكن فهي ضعيفة لا تمثل إلّا قطرة في بحر، لكن عندما ترتبط تلك القطرات بالبحار العظيمة للقدرة الإلهيّة فإنّها ستجد العظمة وتكتسب روحاً جديدة وهذا كله سرّ بسم اللَّه في بداية كل عمل.
في الآية الثانية كلام عن خطاب جبرئيل الأمين في بداية البعثة للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله عندما احتضن النبي وضمه وقال: «إِقْرَأْ بِسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ».
وبهذا فقد بدأ جبرئيل منهاج رسالته عند بعثة النبي صلى الله عليه وآله باسم اللَّه.
الآية الثالثة تتحدث عن قصّه نوح عندما حلت لحظة الطوفان والجزاء الإلهي الشديد على قومه الكفرة والطغاة، وعندما استعدت السفينة للحركة وصدر الأمر لأصحاب نوح الذين لم يتجاوز عددهم الثمانين بأن يركبوا في الفلك قال (بسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) ثم استعان بمغفرة اللَّه ورحمته وقال: «إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَحِيمٌ».
وفي الآية الأخيرة كلام عن كتاب سليمان إلى ملكة سبأ بعد أن أخبره الهدهد عن قوم سبأ وعبادتهم للأصنام. وعندما تناولت ملكة سبأ الكتاب جمعت أعوانها وافراد البلاط وقالت: « يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ».
من مجموع الآيات الأربع المذكورة ندرك جيداً أنّ ابتداء كل عمل يجب أن يكون بــ (بسم اللَّه)، سواء كان في التعليم والهداية مثل سور القرآن أو كان دعاءً من العباد مع الذات القدسية مثل سورة الفاتحة، أو بداية البعثة والرسالة وأول نداء للوحي مثل بداية سورة العلق، أو أنّه بداية الحركة للنجاة من الأخطار والطوفان وبداية توقف السفينة والنزول منها للابتداء بالمنهج الجديد كما في قصة نوح، أو ابتداء الكتاب المرسل من أجل الدعوة للتسليم إلى الحق كما في كتاب سليمان لملكة سبأ.
وخلاصة الكلام أنّ العمل سواء كان من اللَّه سبحانه أو من الخلق أو من جبرئيل أو من الأنبياء مثل نوح وسليمان أو من عامة الأفراد، يجب أن يبدأ بـــ (بسم اللَّه) ويرتبط بالذات المقدَّسة ويستمد منه القوّة والعلم والإدراك.
وهذا هو معنى الحديث المعروف للنبي صلى الله عليه وآله: «كل أمر ذي بال لم يذكر فيه اسم اللَّه فهو أبتر» «2».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). البعض يعتقد أنّ هناك جملة محذوفة وهي (ابتدئ)، والبعض قال هي (أستعينُ)، نعم في صورة كون الجملة عن اللَّه سبحانه (كما في جميع السور عدا الحمد) فحينئذ يتعيّن المعنى الأول ولكن في خصوص سورة الحمد حيث إنّ الجملة تعبير عن لسان العباد فيكون فيها المعنى الأول أو الثاني أو كلاهما وعلى هذا فإنّ (ب) في بسم اللَّه إمّا بمعنى الاستعانة أو بمعنى الابتداء (تأمل جيداً).
(2) . سفينة البحار، ج 1 مادة (سما).
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة
اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع
لا يدرك الخير إلّا بالجدّ
الوصول إلى حالة الانغماس وقياس مستواها
هل يمكن إثبات المعجزة علميًّا؟ (2)
أزمة العلمانية مع الإسلام