
تشير الآية إلى علامة أخرى من علامات قرب الساعة وهي (الدخان) حيث يغطي دخان كثيف صفحة السماء في ذلك اليوم ويأتي على شكل عذاب: «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَاْتِى السَّماءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ ألِيمٌ» (الدّخان / 10 - 11).
ولقد ذكر المفسرون آراء عديدة في تفسير هذه الآية نذكر ثلاثة منها:
الأول: يرى بعض المفسّرين أنّ الدخان إشارة إلى عذاب يوم القيامة وهو دخان مرعب شرّه مستطير يظلّل رؤوس المجرمين، ولكنّنا نرى هذا الاحتمال بعيداً لأننا نجد في ذيل الآية أنّ المجرمين يطلبون رفع هذا العذاب الإلهي ويظهرون الإيمان ويأتيهم الخطاب: «إنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إنَّكُمْ عَآئِدُونَ». (الدخان / 15)
فلا يمكن تصوّر وقوع هذا المعنى في يوم القيامة خاصة وأنّ الآية التي بعدها تشير إلى القيامة وعقوباتها بشكل مستقل، وهذا يدل على أنّ ما ذكر قبلها يتعلق بغير يوم القيامة: «يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إنَّا مُنْتَقِمُونَ». (الدخان / 16)
الثاني: ويرى بعض آخر أنّ الآية تشير إلى أنّ الكفّار بعد أن حلّت بهم المجاعة والجدب جاءوا إلى النبي يطلبون منه الدعاء لرفع هذا العذاب فدعا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله فرفع العذاب عنهم ولكنّهم عادوا إلى عتوّهم وجحودهم.
وبناءً على ذلك فإنّ الدخان هنا يراد به المعنى المجازي؛ لأنّ الأدب العربي يستخدم كلمة دخان كناية عن الشر والبلاء الغالب، كما ذكر ذلك الفخر الرازي في تفسيره «1».
أو قد يراد بالدخان، الأتربة والغبار الذي يغطي صفحة السماء أثناء سنوات القحط حيث لا وجود للأمطار التي تزيل هذا الغبار وهذه الأتربة «2»، من هنا يطلق على سنة القحط بــــ (السنة الغبراء) أو (عام الرماد).
والمأخذ الذي يؤاخذ عليه هذا التفسير هو أنّ الدخان الوارد في الآية الكريمة لم يستعمل بمعناه الحقيقي وقد حمل على معناه المجازي بدون أية قرينة.
الثالث: ويرى الآخرون أنّ الآية تشير إلى إحدى علامات قرب القيامة حيث تغطي السماء بدخان مبين فيلجأ الناس إلى لطف اللَّه تعالى ليكشف عنهم العذاب فيرفع بكرمه ولطفه عنهم قليلًا منه ورغم كل هذا لا يؤمن المنكرون.
إنّ هذا التفسير إضافة إلى كونه مطابقاً لظاهر الآية فإنّه يتفق مع الأخبار المتعددة التي وردت في مصادر تفسير الشيعة والسنّة، ونقرأ هنا حديثاً عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «أول الآيات خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تَبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم إذا قالوا، وتصبح معهم إذا أصبحوا وتمسي معهم إذا أمسوا، قلت: يانبي اللَّه وما الدخان؟ قال هذه الآية: «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ» يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة أمّا المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام وأمّا الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من فمه ومنخره وعينيه وأذنيه ودبره» «3».
ولقد ورد هذا المعنى في مصادر الشيعة بشيء من الاختلاف فقد نقل الإمام علي عليه السلام عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله قوله: «عشرة قبل الساعة لا بدّ منها: السفياني، والدجال، والدخان، والدابة، وخروج القائم، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى عليه السلام، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر» «4».
وقد وردت روايات أخرى تؤيد هذا المعنى. وبناءً على ذلك يكون التفسير الثالث للآية الشريفة هو التفسير الأفضل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). التفسير الكبير، ج 27، ص 242.
(2). تفسير روح المعاني، ج 25، ص 107؛ وتفسير روح البيان، ج 8، ص 406.
(3). تفسير القرطبي، ج 16، ص 131.
(4). بحار الأنوار، ج 52، ص 209؛ وفي تفسير القرطبي، ج 9، ص 595، وغيرها من الأحاديث تنقل نفس هذا المضمون.
أمثلة من النعم المعنوية والباطنية في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
باسم الله دائمًا وأبدًا
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تستسلم وحقّق أهدافك
عبدالعزيز آل زايد
مؤقّتات خفيّة في الدماغ تتحكّم في الاحتفاظ بالذّاكرة أو نسيانها
عدنان الحاجي
أيّ نوع من المربّين أنت؟
السيد عباس نور الدين
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (3)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
معنى (هنأ) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
المنّ يزيل الأجر
الشيخ محمد مصباح يزدي
الحداثة الفائضة في غربتها الأخلاقية
محمود حيدر
أريد أن يكون ولدي مصلّيًا، ماذا أصنع؟
الشيخ علي رضا بناهيان
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أمثلة من النعم المعنوية والباطنية في القرآن الكريم
باسم الله دائمًا وأبدًا
اختبار غير جراحي للكشف عن الخلايا السرطانية وتحديد موقعها
أمسية أدبيّة لغويّة بعنوان: جمال التراكيب البلاغية، رحلة في أسرار اللغة
لا تستسلم وحقّق أهدافك
مؤقّتات خفيّة في الدماغ تتحكّم في الاحتفاظ بالذّاكرة أو نسيانها
أيّ نوع من المربّين أنت؟
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (3)
معنى (هنأ) في القرآن الكريم
{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}