العلامة الطباطبائي قدس سره ..
القرآن: دستور الحياة الأفضل.
١-يهدف الإنسان في حياته إلى السعادة وهي لون من ألوان الحياة يدرك في ظلها الحرية والرفاه.
وتختلف الطرق المتبعة للوصول إلى السعادة بين السبيل المعقول الذي تقرّه الإنسانية، وبين من يخطئ هذا السبيل فيقع في متاهات الضلال والانحراف.
٢- الأعمال الصادرة من الإنسان لا تكون إلا في إطار خاص من الأنظمة والقوانين، لأن أعمال الإنسان العاقل تصدر عن إرادة نفسية واعية، تهدف إلى توفير ضروراته الحياتية.
إن الأكل والشرب والنوم وغيرها هي ضرورية أحياناً وغير ضرورية أحياناً، تنفع في حالات وتضر في غيرها. فكل ما يعمله الإنسان نابع من قانون يدرك كلياته في نفسه ويطبق جزئياته على أفعاله.
والأعمال الاجتماعية كالأعمال الفردية محكومة بقوانين وآداب تواضع عليها أكثر أفراد المجتمع، ومن دونها تسود الفوضى وتنفصم عرى المجتمع.
نعم، تختلف صبغة المجتمعات في قوانينها، فالمجتمع المذهبي محكوم بقوانين المذهب، والمجتمع المدني محكوم بالقوانين المدنية، والمجتمع المتوحش محكوم بالقوانين الفردية المستبدة أو قوانين ناشئة من فوضى احتكاك العقائد والآداب.
فلا بد للإنسان من هدف في أفعاله الفردية والاجتماعية، ولا محيص له من تطبيق قوانين وآداب للوصول إليه.
وفي هذا الصدد قال الله تعالى: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ.
٣- إن أحسن وأثبت الآداب التي يليق بالإنسان متابعتها هي الآداب التي توحيها إليه الفطرة السليمة، لا النابعة من العواطف والاندفاعات الفردية أو الاجتماعية.
ولو أمعنا النظر في كل جزء من أجزاء الكون لرأينا له هدفاً خاصاً يتجه لتحقيقه منذ خلقته، ويشتمل على ما يحتاجه من وسائل لتحقيقه.
فحبة الحنطة منذ بذرها تسير في طريق التكامل، مجهزة بوسائل لتستفيد من العناصر في سيرها، فتجذب الغذاء والهواء بنسب معلومة فتنشق عنها الأرض وتخضر وتنمو وتتحول إلى سنبلة ذات حبات.
وشجرة الجوز تسير منذ خلقتها نحو هدف قد جهزت من أجله بوسائل تناسب سيرها في قوتها وضخامتها مختلفة عن سير ووسائل الحنطة.
وهكذا جميع ما في الكون يتبع هذه القاعدة المطردة، ولا دليل على شذوذ الإنسان عنها، بل الأجهزة المودعة فيه أحسن دليل على أنه ذو هدف خاص يضمن سعادته، وقد جُهِّز بوسائل توفر له الوصول إليه.
يقول تعالى: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى.
ويقول: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى - وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى .
ويقول: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا - فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا - قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا - وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا.
ويقول: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .
ويقول: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ.
ويقول: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ .
ومحصل هذه الآيات أن الله تعالى يسوق كل مخلوق إلى الهدف والسعادة الأسمى التي خلقهم لأجلها، والطريقة الصحيحة للإنسان هي التي تدعوه إليها خلقته الخاصة، فيجب أن يتقيد في أعماله بقوانين فردية واجتماعية نابعة من فطرته السليمة، ولا يتبع هواه وعواطفه وميوله وشهواته. ومقتضى الفطرة أن يستعمل الأجهزة المودعة في وجوده في حدودها التي وضعت لها للتعادل القوى الكامنة فيه ولا تتغلب إحداها على الآخرى.
فيجب تحكيم العقل السليم ، كما يجب أن يحكم الحق المجتمع لما فيه صالحه، لا إنسان مستبد يتبع هواه، ولا أكثرية تخالف الحق والمصالح العامة.
والخلاصة: أن تشريع القوانين منحصر بالله تعالى، ولا يحق لأحد أن يشرّع القوانين ويتحكم في الشؤون، لأن الآداب والقوانين التي تفيد الإنسان في حياته العملية هي المستوحاة من خلقته الطبيعية ومن العوامل والعلل الداخلية والخارجية التي أودعها الله تعالى فيه بحسب ما تقتضيه القوانين والآداب.
يقول الله تعالى : إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِله.
( مستخلص من كتاب القرآن في الإسلام).
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة
اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع
لا يدرك الخير إلّا بالجدّ
الوصول إلى حالة الانغماس وقياس مستواها