قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطبطبائي
عن الكاتب :
مفسر للقرآن،علامة، فيلسوف عارف، مفكر عظيم

المسلمون وكتّاب العصر ووحي القرآن

المسلمون ووحي القرآن

 

تحدث القرآن الكريم عن الوحي ومنزل الوحي أكثر من غيره من الكتب السماوية المقدسة كالتوراة والإنجيل، وحتى نجد فيه آيات تتحدث عن كيفية الوحي نفسه.

 

ويعتقد عامة المسلمين (1) في وحي القرآن: أن القرآن بلفظه كلام الله تعالى أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة أحد الملائكة المقربين.

 

هذا الملك الوسيط يسمى بجبرائيل والروح الأمين جاء بكلام الله تعالى إلى الرسول في فترات مختلفة بلغت ثلاثًا وعشرين سنة. وكان على الرسول أن يتلو الآيات على الناس ويوقفهم على معانيها ويدعوهم إلى ما فيها من المعارف الاعتقادية والآداب الاجتماعية والقوانين المدنية والوظائف الفردية.

 

وقام الرسول بأداء ما كان عليه نصًّا بدون أن يتصرف في مواد الدعوة الإلهية أو يضيف عليها أو ينقص منها أو يقدم أو يؤخر شيئًا من موضعه.

 

كتّاب العصر والوحي والنبوة

 

أما الباحثون وكتّاب العصر الذين لهم بحوث حديثة في الأديان والمذاهب، فيعتقدون في وحي القرآن والنبوة بأنه كان نبي الإسلام نابغة عارفًا بالأوضاع الاجتماعية، وسعى في خلاص البشرية من مهوى الوحشية والانحطاط الخلقي ورفعها إلى أوج المدنية والحرية، فدعى الناس إلى اعتناق آرائه الطاهرة التي تجلت بشكل دين جامع كامل.

 

يقولون: كان النبي يحمل روحًا نزيهة وهمة عالية، عاش في بيئة يسودها الظلام وتتحكم فيها القوة والأراجيف والهرج الاجتماعي وتتسم بحب الذات والسيطرة غير المشروعة على الأموال وتتجلى فيها كل مظاهر الوحشية المقيتة.

 

كان النبي في ألم نفسي دائم من هذه البيئة الفاسدة، فكان كلما بلغت الآلام في نفسه الكريمة مبلغها يأوي إلى غار في إحدى جبال تهامة، فيبقى فيه أيامًا ليخلو إلى نفسه، وكان يتوجه بكل حواسه إلى السماء والأرض والجبال والبحار والأودية والآجام وما وضعته الطبيعة تحت تصرف البشرية من سائر النعم، وكان يأسف على الإنسان المنهمك في الغفلة والجهل وقد أبدل حياته السعيدة الهانئة بحياة نكدة تضاهي حياة الحيوانات الوحشية.

 

كان النبي إلى حوالي أربعين سنة من عمره يدرك تلك المفاسد الاجتماعية ويتألم من جرائها بالآلام النفسية، ولما بلغ الأربعين من عمره وفّق إلى كشف طريق للإصلاح يمكن بواسطته إبدال تلك الحياة الفاسدة بحياة سعيدة فيها كل معاني الخير، وذلك الطريق هو الإسلام الذي كان يتضمن أرقى الدساتير التي كانت تناسب مزاج ذلك العصر.

 

كان النبي يفرض أن أفكاره الطاهرة هي كلام إلهي ووحي سماوي يلقيها الله تعالى في روعه ويتكلم بها معه. كما كان يفرض روحه الخيرة التي تترشح منها هذه الأفكار لتستقر في قلبه هي الروح الأمين وجبرئيل والملك الذي ينزل الوحي بواسطته.

 

وسمى النبي بشكل عام القوى التي تسوق إلى الخير وتدل على السعادة بالملائكة، كما سمى القوى التي تسوق إلى الشر بالشياطين والجن. وقد سمى أيضًا واجبه الذي أملاه عليه وجدانه بالنبوة والرسالة.

 

الرأي الذي ذكرناه باختصار هو للباحثين المعتقدين بالله تعالى وينظرون إلى الدين الإسلامي بنظرة فيها شيء من الإنصاف والتقييم. أما الملحدون الذين لا يعتقدون بالله تعالى فإنهم يرون النبوة والوحي والتكاليف الإلهية والثواب والعقاب والجنة والنار سياسات دينية بحتة، وهم يذهبون إلى أن هذه كلها أكاذيب قيلت لمصالح خاصة ضرورية في حينها.

 

يقولون: إن الأنبياء كانوا مصلحين جاؤوا ببرامج إصلاحية في إطار ديني. ونظرًا إلى أن الناس كانوا في العصور السالفة منهمكين في الجهل والظلمة والخرافات، وضع لهم الأنبياء النظم الدينية في ظل سلسلة من العقائد الخرافية تتمثل في مسائل المبدأ والمعاد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه العقيدة ناشئة مما يفهم من ظواهر ألفاظ القرآن الكريم.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد