قال سبحانه: «ذلِك وَمَنْ یُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَی الْقُلُوبِ» (الحج/ 32).
والاستدلال بالآیة یتوقّف علی ثبوت صغری وکبری:
الصغری عبارة عن کون الأنبیاء وأوصیائهم ومن یرتبط بهم أحیاءً وأمواتاً من شعائر اللَّه.
والکبری عبارة عن کون البناء وصیانة الآثار والمقابر تعظیماً لشعائر اللَّه.
ولا أظنّ أنّ الکبری تحتاج إلی مزید بیان، إنّما المهم بیان الصغری، وأنّ الأنبیاء والأوصیاء من شعائر اللَّه، وبیان ذلك یحتاج إلی نقل ما ورد حول شعائر اللَّه من الآیات:
1- «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ» (البقرة/ 158).
2- «یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامِ وَلَا الْهَدْیَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّینَ الْبَیْتَ الْحَرَامَ یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً» (المائدة/ 2).
3- «وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَکُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَکُمْ فِیهَا خَیْرٌ» (الحج/ 36).
وفی آیة أخری جعل مکان شعائر اللَّه حرمات اللَّه وقال:
«ذلِك وَمَنْ یُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَکُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا یُتْلَی عَلَیْکُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ...» (الحج/ 30).
ما هو المقصود من شعائر اللَّه؟
هنا احتمالات:
1- تعظیم آیات وجوده سبحانه.
2- معالم عبادته وأعلام طاعته.
3- معالم دینه وشریعته وکلّ ما یمت إلیهما بصلة.
أمّا الأوّل، فلم یقل به أحد، إذ کل ما فی الکون آیات وجوده، ولا یصحّ تعظیم کلّ موجود بحجة أنّه دلیل علی الصانع.
وأمّا الثاني، فهو داخل فی الآیة قطعاً، وقد عدّ الصَّفا والمروةَ والبُدْن من شعائر اللَّه، فهي من معالم عبادته وأعلام طاعته، إنّما الکلام في اختصاص الآیة بمعالم العبادة وأعلام الطاعة، ولا دلیل علیه، بل المتبادر هو الثالث، أي معالم دینه سبحانه، سواء کانت أعلاماً لعبادته وطاعته أم لا، فالأنبیاء والأوصیاء والشهداء والصحف والقرآن الکریم والأحادیث النبویّة کلّها من شعائر دین اللَّه وأعلام شریعته، فمن عظّمها فقد عظّم شعائر الدین.
قال القرطبی: فشعائر اللَّه، أعلام دینه، لا سیما ما یتعلّق بالمناسك [1].
ولقد أحسن حیث عمّم أولًا، ثمّ ذکر مورد الآیة ثانیاً، وممّا یعرب عن ذلك أنّ إیجاب التعظیم تعلّق بـ «حرمات اللَّه» في آیة أُخری.
قال سبحانه: «وَمَنْ یُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ»، والحرمات ما لا یحلّ انتهاکه، فأحکامه سبحانه حرمات اللَّه، إذ لا یحلّ انتهاکها، وأعلام طاعته وعبادته حرمات اللَّه، إذ یحرم هتکها، وأنبیاؤه وأوصیاؤهم وشهداء دینه وکتبه وصحفه من حرمات اللَّه، یحرم هتکهم، فلو عظّمهم المؤمن أحیاءً وأمواتاً فقد عمل بالآیتین: «وَمَنْ یُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ» «وَمَنْ یُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] القرطبی، التفسیر 12: 56 طبع دار إحیاء التراث.
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد الريشهري
الشيخ جعفر السبحاني
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ فوزي آل سيف
حيدر حب الله
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
﴿وَلِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً﴾
﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾
حجّ عدّة من الأنبياء
حُرُمات البيت الحرام (1)
من أسماء مكّة
أبعاد الحجّ الاجتماعية والسياسية في السنّة
حكمة التّعارف في الحج
التّعبيرات الانفعاليّة لمقدّم المساعدة تؤثّر في ردّة فعل المتلقّي
الحج وصلته بالجهاد
الله أمر آدم عليه السلام أن يحجّ البيت