السيد محمد حسين الطباطبائي ..
هم أول من عارضهم الإسلام بالدعوة إلى التوحيد من عبدة الأوثان ، كان معظم العرب في عهد الجاهلية بدويين وأهل الحضارة منهم كاليمن في طبع البداوة يحكم فيهم من السنن والآداب رسوم مختلطة مختلفة مأخوذة من جيرانهم الأقوياء كالفرس والروم ومصر والحبشة والهند ، ومنها السنن الدينية.
وكان أسلافهم الأقدمون وهم العرب العاربة ومنهم عاد إرم وثمود على دين الوثنية كما يحكيه الله سبحانه في كتابه عن قوم هود وصالح وعن أصحاب مدين وعن أهل سبإ في قصة سليمان والهدهد ، حتى أن جاء إبراهيم (عليه السلام) بابنه إسماعيل وأمه هاجر إلى أرض مكة وهي واد غير ذي زرع وبها قبيلة جرهم ، وأسكنهما هناك فنشأ إسماعيل (عليه السلام) وبنيت بلدة مكة ، وبنى إبراهيم (عليه السلام) الكعبة البيت الحرام ودعا الناس إلى دينه الحنيف وهو الإسلام فاستجيب له في الحجاز وما والاها وشرع لهم الحج كما يدل على جملة ذلك قول الله تعالى له فيما يحكيه القرآن : {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } [الحج : 27]
ثم تهود بعض الأعراب لمعاشرة كانت بينهم وبين اليهود النازلين بالحجاز ، وتسربت النصرانية إلى بعض أقطار الجزيرة، والمجوسية إلى بعضها الآخر.
ثم وقعت وقائع بين آل إسماعيل وجرهم بمكة حتى آل إلى غلبة آل إسماعيل وإجلاء جرهم منها واستولى عمرو بن لحي على مكة وما والاها.
ثم إنه مرض مرضا شديداً فقيل له : إن البلقاء من أرض الشام حمة لو استحممت بها برأت فقصدها واستحم بها فبرأ ، ورأى هناك قوماً يعبدون الأصنام فسألهم عنها فقالوا : هذه أرباب اتخذناها على شكل الهياكل العلوية والأشخاص البشرية نستنصر بها فننصر ونستسقي بها فنسقي فأعجبه ذلك فطلب منهم صنماً من أصنامهم فدفعوا إليه هبل فرجع إلى مكة ووضعه على الكعبة ، وكان معه إساف ونائلة وهما صنمان على شكل زوجين - كما في الملل والنحل - أو شابين - كما في غيره - فدعا الناس إلى عبادة الأصنام ، وروج ذلك بين قومه فعادوا يعبدونها بعد إسلامهم وقد كانوا يسمون حنفاء لاتباعهم ملة إبراهيم (عليه السلام) فبقي عليهم الاسم وهجرهم المعنى وصار الحنفاء اسما للوثنيين منهم.
وكان مما يقربهم إلى الوثنية أن الكعبة المشرفة كان يعظمها اليهود والنصارى والمجوس والوثنية جميعاً ، فكان لا يظعن من مكة ظاعن إلا حمل معه شيئاً من حجارة الحرم تبركا وصبابة ، وحيثما حلوا وضعوه وطافوا به تيمناً وحبًّا للكعبة والحرم.
وعن هذه الأسباب شاعت الوثنية بين العرب عاربهم ومستعربهم ، ولم يبق من أهل التوحيد بينهم إلا آحاد لا يذكرون ، وكان من الأصنام المعروفة بينهم هبل وإساف ونائلة ، وهي التي أتى بها عمرو بن لحي ودعا إليها الناس ، واللات والعزى ومناة وود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، وقد ذكرت هذه الثمان في القرآن ونسبت الخمس الأواخر منها إلى قوم نوح.
وروي في الكافي ، بإسناده إلى عبد الرحمن بن الأشل بياع الأنماط عن الصادق (عليه السلام) : أن يغوث كان موضوعاً قبالة باب الكعبة ، وكان يعوق عن يمين الكعبة ونسر عن يسارها.
وفي الرواية أيضا : أن هبل كان على سطح الكعبة وإساف ونائلة على الصفا والمروة.
وفي تفسير القمي ، قال : كانت ود لكلب ، وكانت سواع لهذيل ويغوث لمراد ، وكانت يعوق لهمدان ، وكانت نسر لحصين.
وكانت في الوثنية التي عندهم آثار من وثنية الصابئة كالغسل من الجنابة وغيره.
وفيها آثار من البرهمية كالقول بالأنواء ، والقول بالدهر كما تقدم عن وثنية بوذة قال تعالى : {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ } [الجاثية : 24] وإن ذكر بعضهم أنه قول الماديين المنكرين لوجود الصانع.
وفيها شيء من الدين الحنيف وهو إسلام إبراهيم (عليه السلام) كالختنة والحج إلا أنهم خلطوه بسنن وثنية كالتمسح بالأصنام التي حول الكعبة والطواف عرياناً ، والتلبية بقولهم : لبيك لبيك اللهم لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك.
وعندهم أمور أخر اختلقوه من عند أنفسهم ، كالقول بالبحيرة والسائبة والوصيلة والحام والقول بالصدى والهام والأنصاب والأزلام وأمور أخر مذكورة في التواريخ ، وقد تقدم تفسير البحيرة والسائبة والوصيلة والحام في سورة المائدة في ذيل آية 103 وكذا ذكر الأزلام والأنصاب في ذيل آية 3 وآية 90
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان