من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

الفرق بين الشيعة الإمامية والأشاعرة

هناك أصول خالفت الإمامية فيها الأشاعرة، مخالفة بالدليل والبرهان وتبعاً لأئمتهم. ونذكر المهّم منها:

 

1 - اتّحاد [عينية] الصفات الذاتية مع الذات: إنّ لله سبحانه صفات ذاتية كالعلم والقدرة، فهي عند الأشاعرة صفات قديمة مغايرة للذات زائدة عليها، وهي عند الإمامية عين الذات، وعند المعتزلة الذات معطّلة من الصفات والذات نائبة مناب الصفات، بمعنى أنه ليس لها علم ولكن فعلها عن علم وليس لها قدرة ولكن فعلها عن قدرة.

 

2 - الصفات الخبرية الواردة في الكتاب والسنّة، كالوجه والأيدي والاستواء وأمثالها، فالشيعة الإمامية يؤوّلونها تأويلًا مقبولًا، لا تأويلًا مرفوضاً، أي إنّ معنى: (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) «1» أنّه بريءٌ من البخل، بل هو باذل وسخي وقادر على البذل؛ وأمّا الأشاعرة وأهل الحديث والحنابلة فهم يفسّرونها بالمفهوم التصوّري ويقولون: إنّ لله سبحانه يدين، إلّا أنّهم يتهرّبون عن التجسيم والتشبيه بقولهم: بلا كيف أو لا كأيدينا!

 

3 - أفعال العباد عند الإمامية صادرة من نفس العباد، فالإنسان هو الفاعل لأفعاله بقدرة مكتسبة من الله، وإنّ قدرته المكتسبة هي المؤثّرة بإذن من الله سبحانه.

 

وأمّا الأشاعرة فذهبوا إلى أنّ أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه، فليس للإنسان فيها صنع ولا دور وليس لقدرته أيّ تأثير في تحققّ الفعل، وأقصى ما عندهم أنّ إرادة الإنسان للعقل تقارن إيجاد الله سبحانه فعله في عالم التكوين والوجود، فقالوا: «إنّ الله هو الخالق، والإنسان هو الكاسب» إلّا أنّها نظرية غريبة غير مفهومة ومليئة بالألغاز التي عجز عن فهمها وإيضاحها حتّى مبتدعوها أنفسهم!

 

4 - إنّ الاستطاعة في الإنسان على فعل من الأفعال تقارنه تارة وتتقدّم عليه أخرى، فلو أريد من القدرة: العلّة التّامة فهي مقارنة، ولو أريد العلة الناقصة فهي متقدّمة، خلافاً للأشاعرة فقد قالوا بالتقارن مطلقاً.

 

5 - رؤية الله بالأبصار في الآخرة: فهي مستحيلة عند الإمامية والمعتزلة، ممكنة عند الأشاعرة.

 

6 - كلامه سبحانه عند الإمامية هو فعله، فهو حادث لا قديم، وهذا خلافاً للأشاعرة: فكلامه عبارة عن الكلام النفسي القائم بذاته، فهو قديم كقدم الذات.

 

7 - التحسين والتقبيح العقليان: ذهبت الإمامية إلى أنّ العقل يدرك حسن بعض الأفعال أو قبحها، بمعنى أنّ نفس الفعل من أيّ فاعل صدر، سواء أكان الفاعل قديماً أو حادثاً، واجباً أو وممكناً، يتّصف بأحدهما ويتلّقاه حكماً مطلقاً سائداً على مرّ الحقب والأزمان، لا يغيّره شيءٌ؛ وهذا خلافاً للأشاعرة، فقد عزلوا العقل عن إدراك الحسن والقبيح، وبذلك خالفوا الإمامية والمعتزلة في الفروع المترتّبه عليه.

 

هذا، وإنّ الشيعة وإن خالفوا في هذه الأصول طائفة من الطوائف الإسلامية ووافقوا طوائف أخرى، ولكن هناك أصول اتّفق الجميع فيها دون استثناء، أفما آن للمسلمين أن يتّحدوا في ظلّ هذه الأصول المؤلّفة لقلوبهم، ويستظلّوا بظلالها ويتمسّكوا بالعروة الوثقى، ولا يصغوا إلى النعرات المفرّقة المفترية على الشيعة وأئمتهم؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المائدة: 64.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد