من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ باقر القرشي
عن الكاتب :
الشيخ باقر بن الشيخ شريف بن الشيخ مهدي بن الحاج ناصر بن الشيخ قاسم بن الشيخ محمد بن الشيخ مسعود بن عمارة القرشي .rn عالم عراقي بارز، و كاتب و محقق متخصص في التاريخ الإسلامي وسيرة المعصومين عليهم السلام.rn ولد عام 1344 هـ في النجف الأشرف / العراق .rn التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف فدرس الفقه و الأصول و العلوم الإسلامية فتخرج منها برتبة عالية .rn من أساتذته: آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره، آية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس سره.rn مؤلفاته تجاوزت السبعين منها: حياة الرسول الأعظم (٣ مجلدات)، موسوعة حياة اهل البيت (٤٢ مجلداً).rn توفي يوم الأحد 26 رجب سنة 1433 هـ في النجف الأشرف فصلى عليه المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره .rn دفن في مكتبته الخاصة ( مكتبة الامام الحسن عليه السلام ) في النجف الأشرف عصر يوم الأثنين الموافق 18/6/2012.rn

في رحاب مولد الإمام الحسين (ع) (2)

رعاية النبي للحسين (ع):

 

وتولى النبي (ص) بنفسه رعاية الحسين، واهتم به اهتمامًا بالغًا فمزج روحه بروحه، ومزج عواطفه بعواطفه، وكان - فيما يقول المؤرخون -: يضع إبهامه في فيه، وأنه أخذه بعد ولادته فجعل لسانه في فمه ليغذيه بريق النبوة وهو يقول له: «إيهًا حسين، إيهًا حسين، أبى اللّه إلا ما يريد هو - يعني الإمامة - فيك وفي ولدك...» «1».

 

وفي ذلك يقول السيد الطباطبائي: ذادوا عن الماء ظمآنا مراضعه، من جده المصطفى الساقي أصابعه، يعطيه إبهامه آنًا وآونة، لسانه فاستوت منه طبائعه، غرس سقاه رسول اللّه من يده، وطاب من بعد طيب الأصل فارعه...

 

لقد سكب الرسول (ص) في نفس وليده مثله ومكرماته ليكون صورة عنه، وامتدادًا لحياته، وممثلًا له في نشر أهدافه وحماية مبادئه.

 

تعويذ النّبي للحسنين:

 

وبلغ من رعاية النبي (ص) لسبطيه، وحرصه على وقايتهما من كل سوء وشر أنه كان كثيرًا ما كان يعوذهما فقد روى ابن عباس قال: «كان النبي (ص) يعوذ الحسن والحسين قائلًا: «أعوذ بكلمات اللّه التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة» ويقول: «هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق» «2» ويقول عبد الرحمن بن عوف: قال لي رسول اللّه (ص): «يا عبد الرحمن: ألا أعلمك عوذة كان إبراهيم يعوذ بها ابنيه إسماعيل وإسحاق، وأنا أعوذ بها ابني: الحسن والحسين... كفى باللّه واعيًا لمن دعا، ولا مرمى وراء أمر اللّه لمن رمى... » «3».

 

ودل ذلك على مدى الحنان، والعطف الذي يكنه (ص) لهما، وأنه كان يخشى عليهما من أن تصيبهما عيون الحساد فيقيهما منها بهذا الدعاء.

 

ملامحه:

 

وبدت في ملامح الإمام الحسين (ع) ملامح جده الرسول الأعظم صلى اللّه عليه وآله فكان يحاكيه في أوصافه، كما كان يحاكيه في أخلاقه التي امتاز بها على سائر النبيين، ووصفه محمد بن الضحاك فقال: «كان جسد الحسين يشبه جسد رسول اللّه (ص) » «4»، وقيل: إنه كان يشبه النبي (ص) ما بين سرته إلى قدميه «5» وقال الإمام علي (ع): «من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول اللّه (ص) ما بين عنقه وثغره فلينظر إلى الحسن، ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ما بين عنقه إلى كعبه خلقًا ولونًا فلينظر إلى الحسين بن علي...» «6».

 

لقد بدت على وجهه الشريف أسارير الإمامة فكان من أشرق الناس وجهًا، فكان كما يقول أبو كبير الهذلي: وإذا نظرت إلى أسرة وجهه، برقت كبرق العارض المتهلل...

 

ووصفه بعض المترجمين له بقوله: «كان أبيض اللون، فإذا جلس في موضع فيه ظلمة يهتدى إليه لبياض حسنه ونحره» «7» ويقول آخر: «كان له جمال عظيم، ونور يتلألأ في جبينه وخده، يضيء حواليه في الليلة الظلماء وكان أشبه الناس برسول اللّه (ص)» «8»، ووصفه بعض الشهداء من أصحابه في رجز كان نشيدًا له في يوم الطف يقول: له طلعة مثل شمس الضحى، له غرة مثل بدر منير...

 

هيبته:

 

وكانت عليه سيماء الأنبياء، فكان في هيبته يحكي هيبة جده التي تعنو لها الجباه، ووصف عظيم هيبته بعض الجلادين من شرطة ابن زياد بقوله: «لقد شغلنا نور وجهه، وجمال هيبته عن الفكرة في قتله». ولم تحجب نور وجهه يوم الطف ضربات السيوف، ولا طعنات الرماح، فكان كالبدر في بهائه ونضارته وفي ذلك يقول الكعبي: ومجرح ما غيرت منه القنا حسنًا، ولا أخلقن منه جديدًا، قد كان بدرًا فاغتدى شمس الضحى، مذ ألبسته يد الدماء برودا...

 

ولما جيء برأسه الشريف إلى الطاغية ابن زياد بهر بنور وجهه فانطلق يقول: «ما رأيت مثل هذا حسنًا!!». فانبرى إليه أنس بن مالك منكرًا عليه قائلًا: «أما أنه كان أشبههم برسول اللّه؟» «9». وحينما عرض الرأس الشريف على يزيد بن معاوية ذهل من جمال هيبته وطفق يقول: «ما رأيت وجها قط أحسن منه!!». فقال له بعض من حضر: «إنه كان يشبه رسول اللّه (ص)» «10».

 

لقد أجمع الرواة أنه كان يحاكي جده الرسول (ص) في أوصافه وملامحه وأنه كان يضارعه في مثله وصفاته، ولما تشرف عبد اللّه بن الحر الجعفي بمقابلته امتلأت نفسه إكبارًا وإجلالًا له وراح يقول: «ما رأيت أحدًا قط أحسن، ولا أملأ للعين من الحسين...». لقد بدت على ملامحه سيماء الأنبياء وبهاء المتقين، فكان يملأ عيون الناظرين إليه، وتنحني الجباه خضوعًا وإكبارًا له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المناقب 3 / 50 .

(2) ذخائر العقبى ( ص 134 ) مشكل الآثار.

(3) ذخائر العقبى ( ص 134 ).

(4) المعجم الكبير للطبراني من مصورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة.

(5) المنمق في أخبار قريش ( ص 535 ) خطط المقريزي 2 / 285 الإفادة في تاريخ الأئمة السادة من مصورات مكتبة الإمام الحكيم العامة.

(6) المعجم الكبير للطبراني.

(7) الإفادة في تاريخ الأئمة السادة.

(8) محاضرات الأوائل والأواخر لعلي درة الحنفي ( ص 71 ) وفي مصابيح السنة 2 / 202 عن أنس قال : لم يكن أحد أشبه بالنبي ( ص ) من الحسن بن علي ، وقال في الحسين : كان أشبههم برسول اللّه ( ص ) وفي أنساب الأشراف ج 1 ق 1 : ان الحسين كان يشبه النبي ( ص ).

(9) أنساب الأشراف للبلاذري ج 1 / ق 1 ، مخطوط بمكتبة الإمام أمير المؤمنين ( ع ) العامة.

(10) أنساب الأشراف للبلاذري ج 1 / ق 1.

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد