مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ رضا الصغير
عن الكاتب :
طالب علوم دينية في حوزة قم المقدسة

الجهد المضاعف


الشيخ رضا الصغير ..

في أي شركة أو مؤسسة تجد أن الذي يباشر العمل ويجهد نفسه هو الأقل أجرةً، بينما يتقاضى الرئيس أو المهندس أجرة تفوق ربما أجرة عدد من العمال، لكن الناس يتقبلون هذا الأمر، ويجيبون على التذمر بأن الرئيس أو المهندس هو العقل المخطط والمسؤول عن العمل.
المسؤولية وحجم الاستيعاب الفكري هما المعيار في تقييم العمل، فكلما زاد الاستيعاب الفكري كانت النظرة للعمل شمولية، ويمكن من خلالها حساب كل الأمور الدخيلة التي ربما تؤثر على سير العمل إيجاباً وسلباً، علاج المشاكل المتوقعة وسد الثغرات، والرؤية للهدف السامي الذي يسعى له العمل، كل هذه عوامل تزيد من مكانة العمل وتميزه، وبالتالي يستحق العقل المفكر والمدبر ذلك التقدير الذي يميزه عن غيره.
هذا الأمر في الأمور العملية المادية، وفي الأمور المعنوية الأمر لا يختلف كثيراً، فيضاف إلى الاستيعاب الفكري والمسؤلية، الإخلاص في العمل، فمتى ما اجتمعت هذه الأمور كان العمل قيماً وكان صاحبه متألقاً، ولا يحتاج إلى (الكم) بل الكيف يكفي ، إذ قد يكون عملاً واحداً لكنه يوازي عمل الثقلين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لضربة علي يوم الخندق خير من عبادة الثقلين، أو قال: لمبارزة علي لعمرو أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة 1
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : رأي الشيخ أحب إلي من جلد الغلام 2
أي أن الفكر الذي يتميز به كبير السن نتيجة لمقارعته أغوار الحياة، وما استخلصه من تجارب أهم من قوة الشاب الذي لا يأبى الصعاب، ولا يبالي بخوض الأغمار، والأمر كما ترى يرتقي بالإخلاص، ويتألق بالوعي والمسؤولية، وبالعكس تماماً فليس المطلوب الجهد الكبير الخالي من التفكير، إذ يكون الإنسان حينها آلة لا تعي ماذا يدور حولها، فقط تعمل ولا تدري ماذا سيحدث في النهاية، هذه النماذج ستكون هي  المقربة إلى صاحب العصر والزمان،  فليس الأمر مكلفاً، فقط تفكر وتأمل وتدبر وأخلص النية وتوكل، فهنا ولو كان (الكم) قليلاً لكنه سيكون الواقع تحت نظر المولى عليه السلام.
ــــــــــــــ
1 المستدرك / الحاكم ٣: ٣٢. (الشهيد) نشر دار المعرفة - بيروت
2  ابن أبي الحديد ١٨ / ٢٣٧. ابن ميثم البحراني ٥ / ٢٨٤

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد