مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

أرقى من الغربيين!

 

الشيخ علي رضا بناهيان
يقول: أريد أن أخرج من حَيّي الديني وأعيش في حَيّ لا دينيّ، حيث لا شأن لأحد بالآخر؛ استيقظتَ صباحاً، صلّيتَ الصبح، لم تُصلِّ.. لا ينقل جيرانك الأقاويل عنك! أمّا هنا فيأتي جارك قائلاً: عند الفجر لا يُضاء في بيتك مصباح، ألا تصلّي؟
ـ وما شأنك أنت؟! لعلّي أصلّي في العتمة!


الكل يصدر أحكاماً في الكل.. والكل يتوقّع من الكل.. (في حَيّنا).. والكل يهاجم الكل لأسباب خياليّة..!
أحد عوامل انبهار الناس بالغرب هو التالي: حينما يذهبون إلى الدول الغربية يلمسون القضية التي نحن الآن نناقشها، وهي "الإقرار بالتباين بين الناس" فهم يلمسون هذه القضية في الغرب ويشاهدونها في ثقافة الغربيين، وإنّ "الإقرار بالتباين بين الناس" هذا يبعث على السكينة، فيقول: أنا أحب هذه السكينة!
ـ لكن لماذا؟! 

اذهب إلى حيث للجميع شأنٌ بك وحيث الجميع لطيفٌ بك! هذا هو الرُّقِيّ، وليس الثقافة الغربية حيث لا شأن لأحد بأحد بسبب الأنانية. فهو، هنا، ليس أنانياً، وإنّ له شأناً بالجميع.. من منطلق الخدمة.. من منطلق المحبة.. من منطلق اللطف.. لِمَ لا يكون له شأن بأحد؟! حسنٌ، ديننا أيضاً يقول هذا! فلماذا تفتّش عنه في الغرب؟! لماذا تتغرّب، يا عزيزي؟! نقول: أرأيتَ سلوكاً خاطئاً؟ فلتَحكُم حُكماً سليماً طالما هناك مجال..

ـ يا رجل، شاهدنا هذان الزوجان يتشاجران، وسَبَّ أحدهما الآخر.
ـ قل: كانا يتمرّنان، ليَرَيا هل يُحسنان السباب؟!.. يمزحان!..
ـ يا هذا، لقد ثارت أعصابه عن جِدّ، بل تحطّم فنجانٌ أيضاً.


ـ طيّب، أرادا أن يُمثّلا ليريا إن كانا يستطيعان أداء الدور.. أحبّا معرفة إن كان بإمكانهما - شأن الممثلين - تحطيمَ فنجان! مجرّد تسلية.. ما البأس في ذلك؟ فطالما هناك مجال فإنه يتعيّن على المؤمن أن يُحسِن الظن بأخيه، فإن لم يكن ثمة مجال لحُسن الظن فلا يحق لك النظر إليه في الغد كمذنب. لماذا؟ لأنه لا بد أنه تاب بالأمس.. فقد كانت أمامه فرصة حتى الصباح. إن رأيتَه بالأمس يُذنب، لا ينبغي اليوم أن..


إنّ في ديننا أحكاماً تبعث على السَّكينة هي أرقى بكثير مما يوجد في الغرب. بل إننا أشد "غربيّةً" من الغربيين، فلا ينبغي لأحد التدخل بشؤون غيره، ولا يجوز لأحد الحكم على غيره ظُلماً، ولا ينبغي لأحد اغتياب غيره عدواناً، ولا يجوز لأحد إساءة الظن بالآخر، بل على المؤمن أن يُحسن الظن بالآخرين، بل إنْ أراد المؤمن تطبيق سلوكه الإيماني كان أرقى بكثير من الغربيين.
جاء البعض - يوماً ما - للإمام الراحل(ره) قائلين: سيدنا، لا بد من تنحية قُضاة عهد الطاغوت جميعاً.

فقال: كلا، ولماذا ننحّيهم؟
قالوا: في النهاية لا بد أنهم ليسوا متديّنين.
قال: لماذا "لا بد"؟ ما الدليل؟
أراد أحدهم إنهاء القصة والبت في الموضوع، وبما أن القاضي يجب أن يكون عادلاً والعادل هو صاحب التقوى والذي لا يرتكب معصية واضحة، قال: بعض هؤلاء القضاة يحلقون ذقونهم، وأنت تفتي بحرمة حلق الذقن.
فرَدّ الإمام من فوره: نعم أنا أفتي بحرمته لكن قد يكون ثمة مرجع لا يرى حرمته!
هذا هو الرُّقِيّ.. ودعني آتي بمثال أرقى من هذا: قَدِمَ رجلٌ ثريّ من قزوين إلى الإمام الراحل في النجف الأشرف لأداء خمسِ ماله. يقول: دخلتُ على سماحة الإمام لحساب خمسي فقال لي: "هذا خمس سنَتِك؟"

ـ نعم
ـ لمَن كنتَ تدفعه قبل الآن؟
لقد خَمَّنَ أنه كان يدفع الخمس لآخر وقد غيّرَ مرجعَه لتوّه
قال: "كنتُ أدفعه إلى فلان" (وهو شخص غير معروف).
فقال الإمام: إذن لعله رتّب أمورَه اعتماداً على خُمسِك؛ يدفع شهرية الطلاب، ينجز بعض الأعمال الثقافية ولا بد أنه يعوّل على خمسك كل سنة فإن لم تدفع له هذا العام سيتضرّر، ادفع له هذا العام أيضاً.
هذا هو الرُّقِيّ، وليس الثقافة الغربية حيث لا شأن لأحد بأحد بسبب الأنانية. فهو، هنا، ليس أنانياً، وإن له شأناً بالجميع.. من منطلق الخدمة.. من منطلق المحبة.. من منطلق اللطف.. لِمَ لا يكون له شأن بأحد؟! يقول: أنا هناك أكثر راحة.

ـ لماذا؟
ـ لأنه ليس لأحد شأن بي
ـ لكن لماذا؟! اذهب إلى حيث للجميع شأنٌ بك وحيث الجميع لطيفٌ بك! وهذا هو الذي سيُركِع ثقافة الغرب.. بوصفه "الثقافة الدينية". هذا هو ما ينتظره العالم. وأنت تشاهد أنموذجاً مصغّراً له في "الأربعين". إننا أشد "غربيّةً" من الغربيين، فلا ينبغي لأحد التدخل بشؤون غيره، ولا يجوز لأحد الحكم على غيره ظُلماً، ولا ينبغي لأحد اغتياب غيره عدواناً، ولا يجوز لأحد إساءة الظن بالآخر، بل على المؤمن أن يُحسن الظن بالآخرين، بل إنْ أراد المؤمن تطبيق سلوكه الإيماني كان أرقى بكثير من الغربيين.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد