المعاناة تمنح منتهى الحرّية! من دون معاناة لا تتحرّر بعضُ قوى الإنسان أبدًا. بعد المعاناة القاسية التي تعيشُها سينتعش فكرُك أكثر، كلّما في الأمر أنّ عليك أنْ تتفاعل جيّدًا مع المعاناة؛ أَقبِل عليها.. اِختَرها! من دون معاناة لا تستطيع العيش! لا أحدَ يستطيع؛ (لَقَد خَلَقْنا الإِنسانَ في كَبَد) [البلد/4]. لا يكذب عليك أحد؛ ما من أحدٍ يستطيع العيش بلا معاناة!
باستطاعتك أن تختار معاناتك! ثمّ هذا الذي اختارَ لك معاناتَك بحكمة لا تُعارضه.. إنّه الله. يقول: "أنا الذي أجعلك تتألّم.. يا هذا! بِمَ ذهنُك ساهٍ؟! أنا، أنا الذي أقسو عليك. أنا أدري كيف أقسو عليك، فأنا مَن خلَقَك".
لا تُعارضه.. رحِّبْ بآلامه.
- كيف أنتَ والآلام؟
- الآلام تمنح منتهى الحرّية، إنّها تقوّي روح الإنسان.
يقول أحد الأصدقاء: كان لنا في المدرسة تلميذ.. ما شاء الله، له قدرة روحيّة عالية، كان مسيطرًا على الجميع! يقول: اطّلعتُ على إضبارته لأرى من أين هو؟ فعرفتُ أنّه من جنوب المدينة، و.. قلت: وإنْ! صحيح أنّ معاناة ابن الجنوب أكبر، لكن ليس إلى هذا الحد! فهذا التلميذ مميَّز جدًّا، بل غريب! فاكتشفتُ أنّ أبويه من الصُمّ والبُكم! وهو يدير شؤونهما!
- أوه! أجل، اِممم، صحيح.
حول المعاناة اقرؤوا مدوَّنات وخاطرات الشّهيد شمران؛ شمران: "إلهي، أشكرُك على اللّيالي الّتي جوّعتَني فيها، واللّيالي الّتي جعلتَني فيها أتألّم، وأتلوّى من شدّة الألم!" أوه! ما أروعه!
المعاناة تحرّر الإنسان. لا تتعاطَ مع الآلام كالطّفل المدلَّل. على الأمّهات أن يُعَلّمنَ أطفالـهُنّ كيف يتعاملوا مع المعاناة. إذا أكثرَت الأمُّ من الشكوى عند المعاناة يفسُد أطفالها! يأخذون بالشّكوى أكثر منها! يجب أن يعرف الطفل أنّ أمّه تعاني، ثم يراها تبتسم. تقول: "لا بأس!"
- أُمّي؟!
- ماذا تظن؟!
ماذا يُثمِر هذا السّلوك؟ تُصبح "أمّ البنين!" للأمّهات دَورٌ عظيم جدًّا. ما رأيك بالمعاناة؟
في العطلة الصّيفيّة، أوانَ أنشطة المسجد، وكان أبي إمام مسجد، وكان الحنين يدعونا إلى "ربيع أنشطتنا" [في المسجد]! لكنّ أبي كان يبعثنا إلى تعلّم النّجارة عامًا، والحدادة عامًا، واللّحام عامًا!
أقول له: "لكن يا أبتِ، يمكنني تدبير معاشي في أيٍّ من هذه الحصص!"
فيقول: "اذهب، ولا كلمة!"
كنّا نعمل بلا مقابل!
يقول: "كلّا، ذُق الألم! ما هذه التُرّهات؟! تتكلّم وكأنّك أمير!"
وحين نعود بأيدٍ مليئة بالكدَمات، وأعيُنٍ مألومة بشدّة، أيّام عمَلِنا باللّحام يقول: "غدًا حين يصافحك في المسجد رجل بيدين متقرّحتَين ليدفع خُمسَه ستدرك أيّ معاناة قاسى لكسبِ ماله؟!لا تصدر الأوامر هكذا!"
في حياة المدينة عادةً ما يعيش الإنسان في وَهم، يظنّ مثلًا أنّ الخبز يَخرُج له هكذا "من الحائط"!! في الخبَر يُكرَه شراء الخبز، بل أَوصَوا أيضًا بطَحن القمح في البيت، وإلّا جلَبَ الفقر!
تقول: لكنّها مشقّة عظيمة أنْ نخبز في المنزل!
- نعم، ترى المشقّة بأُمّ عينيك، لتصير آدميًّا!
هذه خلاصة الموضوع!
- لو أنّ أمّهاتنا يخبزن، ويقلن إذا جاع الأطفال: "اِصبر حتّى ينضج"، فيقول: "أأصبر أربع ساعات من أجل لقمة خبز؟!" لبُنيَت شخصيّاتهم! وما من حصّة درس تُغني عن ذلك!
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان