مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

حديث الضحضاح


السيد جعفر مرتضى ..
عن أبي سعيد الخدري ، أنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ذكر عنده عمه "أبو طالب"، فقال : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من نار ، يبلغ كعبيه ، يغلي منه دماغه.
وحسب نص آخر : أن العباس قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أغنيت عن عمك؟! ، فوالله ، كان يحوطك ويغضب لك!!.
قال : هو في ضحضاح من نار ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.
ونقول :
أولاً : لقد ناقش كل من الأميني والخنيزي جميع أسانيد هذه الرواية ، وبيَّنا وهنها وضعفها ، وتناقض نصوصها العجيب. إلى حد أن بعض الروايات تجزم بأنه قد جعل في ضحضاح من نار ، وأن الشفاعة قد نفعته فعلاً ..
لكن بعضها الآخر يقول : لعله تنفعه شفاعتي ، فيجعل في ضحضاح يوم القيامة ..
ونحن نحيل القارئ الذي يرغب في التوسع إلى ما ذكره الأميني والخنيزي في كتابيهما حول هذا الموضوع (١).
ثانياً : إنه إذا كان صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نفع أبا طالب عليه‌السلام ، وأخرجه من الدرك الأسفل إلى الضحضاح؛ فلماذا لا يتمم معروفه هذا ، ويخرجه من هذا الضحضاح أيضاً؟!.
ثالثاً : لقد رووا : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد طلب من أبي طالب حين حضرته الوفاة : أن يقول كلمة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله؛ ليستحل له بها الشفاعة يوم القيامة ، فلم يعطه إياها.
فهذا يدل على أنه قد أناط صلى‌الله‌عليه‌وآله مطلق الشفاعة بكلمة لا إله إلا الله (٢).
فلماذا استحل هذه الشفاعة ، مع أنه لم يعطه الكلمة التي توجب حليتها؟!.
رابعاً : إنهم يروون : أن الشفاعة لا تحل لمشرك. فلماذا حلت لهذا المشرك بالذات ، بحيث أخرجته من الدرك الأسفل إلى الضحضاح؟.
خامساً : قال المعتزلي : إن الإمامية والزيدية «قالوا : وأما حديث الضحضاح ، فإنما يرويه الناس كلهم عن رجل واحد ، وهو المغيرة بن شعبة ، وبغضه لبني هاشم ، وعلي عليه‌السلام بالخصوص مشهور ومعلوم ، وقصته وفسقه غير خاف.
غير أننا نقول : إنه يمكن المناقشة في ذلك بأنهم قد رووا ذلك عن غير المغيرة أيضاً ، فراجع البخاري وغيره.
فلعل رواية غير المغيرة قد حدثت في وقت متأخر بهدف تكذيب الشيعة ، ونقض استدلالهم ، فتلقفها البخاري.
وذلك لأن من غير المعقول أن يورد الشيعة على غيرهم بذلك إن لم يكن له واقع ..
وقد سكت المعتزلي عن هذا الرد ، وعن جوابه ، وكأنه يحتمل ما احتملناه ، ولو وسعه التأكيد على الرد لفعل.
سادساً : سئل الإمام الباقر عليه‌السلام عما يقوله الناس : إن أبا طالب في ضحضاح من نار؟
فقال : لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في كفة أخرى لرجح إيمانه.
ثم قال : ألم تعلموا : أن أمير المؤمنين علياً عليه‌السلام كان يأمر أن يحج عن عبد الله ، وابنه ، وأبي طالب في حياته ، ثم أوصى في وصيته بالحج عنهم.
سابعاً : سئل الإمام علي عليه‌السلام في رحبة الكوفة عن كون أبيه معذباً في النار أو لا ، فقال للسائل :
مه ، فض الله فاك!! ، والذي بعث محمداً بالحق نبياً ، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم. أبي معذب في النار ، وابنه قسيم الجنة والنار؟!.
ثامناً : روى عبد العظيم بن عبد الله العلوي : أنه كان مريضاً ، فكتب إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : عرفني يا بن رسول الله ، عن الخبر المروي : أن أبا طالب في ضحضاح من نار ، يغلي منه دماغه.
فكتب إليه الرضا عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد ، إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار.
تاسعاً : بالإسناد إلى الكراجكي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟!
قلت : جعلت فداك ، يقولون هو في ضحضاح من نار ، وفي رجليه نعلان من نار ، تغلي منها أم رأسه.
فقال عليه‌السلام : كذب أعداء الله ، إن أبا طالب من رفقاء النبيين ، والصديقين ، والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقاً .
وفي رواية أخرى عنه عليه‌السلام : كذبوا. والله إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان ، لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم.
ــــــــــــــ
(١) راجع : الغدير ج ٨ ص ٢٣ / ٢٤ وأبو طالب مؤمن قريش.
(٢) الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٤٣٣ عن أحمد بسندين صحيحين ، وعن البزار ، والطبري بأسانيد أحدها جيد وابن حبان في صحيحه وراجع : الغدير ج ٢٥ / ٢.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد