قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

الهداية القرآنية


السيد جعفر مرتضى ..
قال الله سبحانه في كتابه الكريم ، في مجال رسم الأسس والمنطلقات للدعوة الإلهية إلى سبيله : ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن ). (١)
فهذه الآية قد أعطت النظرة الشمولية للإسلام ، فيما يرتبط بسياسته الإعلامية ، ورسمت لهذه السياسة أسسها ومنطلقاتها بدقة ، وبعمق يستوعب كل اتجاهاتها ومناحيها ... ولسنا هنا في صدد بيان وتحديد ذلك ... ، ولكننا نشير إلى أمر ألمحت إليه الآية الكريمة ، ويهمّنا لفت النظر إليه ، والتوجيه نحو التأمل فيه ، وهو :
أن نهج القرآن وطريقته ـ كما ألمحت إليه الآية الشريفة ـ هو استثارة العقول ، ومحاكمة الناس ضمائرهم ، وإرجاعهم إلى سليم الفطرة وإنصاف الوجدان ...
ولم نجد القرآن حكم على أحد بالكفر ، أو بالفسق ، إلاّ ضمن ضوابط عامة ، يكون لكل أحد كامل الحرية في أن يطبقها على نفسه أو لا يطبقها.
أمّا أن يطبقها على الآخرين بأشخاصهم وأعيانهم ، فليس له ذلك ، إلاّ في الحدود التي أجازها الإسلام ، ولم ير فيها ما يتنافى مع أيّ من أصوله وقواعده ... أي في خصوص الموارد التي قبل بها الآخرون ، وأقرّوا بانطباقها على أنفسهم وفق الضوابط العامة التي يعرفها يقرّ بها الجميع ...
هذا على الرغم من أن الحق ربما يكون مرّاً ، أو مخجلًا لكثير من أولئك الذين اختاروا الانحراف عن جادة الحق ، والابتعاد عن الطريقة القويمة ، والخطة السليمة المستقيمة.
نعم ... لربما تمسّ الحاجة ـ وذلك كثير في القرآن أيضاً ـ إلى تصعيد التحدّي ، إلى حدّ التلويح أو التصريح بما لو لم يبادر إلى التلميح والتصريح به لكان خطراً على الإسلام وعلى قواعده ومبانيه من الأساس.
ولكنها تكون حالات استثنائية ـ يعقبها الاستدلال والتفهيم مباشرة ـ ولا يمكن أن تتخذ الصفة الطبيعية التي يفترض جعلها أساسًا للتحرك في المجال العام للدعوة الإسلامية.
هذا كله ... لو لم نقل : إن المنطلق الإسلامي لكل حوار منصف وهادف وبنّاء هو قوله تعالى : ( وإنا أو إيّاكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين ) ... (2).
حيث يريد سبحانه أن يهيّئ الطرف الآخر للبحث العلمي ، القائم على أساس الدليل ، الساطع ، والبرهان ، القاطع ، بعيداً عن أجواء التشنّج الانفعال والشك والريب.
ولعل هذا بالذات هو المقصود من المجادلة بالتي هي أحسن ... حسبما نصّت عليه الآية آنفة الذكر.


(1)  النحل : ١٢٥.
(2)  سبأ : ٢٤.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد