مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمّد تقي بهجت
عن الكاتب :
الشيخ محمّد تقي بهجت . ولد عام 1334 هـ بمدينة فومن في إيران، أنهى دراسته الابتدائية بمدينة فومن ، ثمّ أكبَّ على تعلّم العلوم الدينية ، وفي عام 1348 هـ سافر إلى مدينة قم المقدّسة لإكمال دراسته ، فأقام فيها مدّة قصيرة ، ثمّ سافر إلى مدينة كربلاء المقدّسة ، وفي عام 1352 هـ سافر إلى مدينة النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية ، وبقي فيها إلى عام 1356 هـ ، ثمّ سافر إلى قم المقدّسة لمواصلة دروسه . اشتهر بـالعرفان، والزهد والتقوى. وكان يقصد مسجده الكثير للاقتداء به في صلاة الجماعة كما وذاع صيت حالاته العرفانية. توفي في مدينة قم المقدسة ودفن في حرم السيدة معصومة عليها السلام.

أن نسير حيثما يسير

 

الشيخ محمد تقي بهجت
استحضار رقابة الإمام عليه السلام
أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام هم عبيد لله؛ علمهم وصوابهم مطّرد وجارٍ، أي إنّهم بما لديهم من مقام العصمة لا يخطئون ولا يذنبون. وإمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف «عَيْنُ الله النَّاِظَرَة، وَيَدُهُ الباسِطَة، وَأُذُنُهُ الواعِيَة، وَحِكْمَتُهُ البالِغَة، وَنِعْمَتُهُ السَّابِغَة..»، وهو مطّلع على أقوالنا وأفعالنا وأفكارنا ونيّاتنا، ومع ذلك فكأنّنا لا نعتقد بأنّ الأئمّة عليهم السلام، وخاصة إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، حاضرون معنا وناظرون إلينا، بل كأنّنا كالعامّة، لا نعتبره حيّاً وغافلون عنه بشكلٍ كامل.
كيف سيكون حالنا، وكم سيكون حرصنا إذا كنّا في غرفة مغلقة، وكنّا نعلم بوجود قوّة عظمى ترصدنا من وراء الباب، وتتنصّت على كلامنا المؤيّد والمعارض لها وتسجّله، وأنّها ستقدم على اقتحامنا في الوقت المناسب؟! كم سنكون محتاطين وحريصين حتّى لو لم نكن نراهم، لكننا نعلم بوجودهم خلف الباب؟! فلماذا إذاً لا يكون حالنا بالنسبة لإمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف بهذا النحو والمستوى من الحرص والانتباه لتصرّفاتنا، بما يكون فيه رضاه أو سخطه علينا؟! لماذا لا يختلف حالنا وموقفنا، نحن الذين نؤمن به ونتّخذه إماماً، عن موقف مَن لا يعتقدون به؟!
علينا أن نفترض حضور إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فنسير حيثما يسير، ونفعل ما يفعل، ونترك ما يترك، وإن لم نكن نعلم كيفيّة ذلك، فإنّنا على الأقلّ نعرف الاحتياط ونقدر عليه! لكنّنا وكأنّنا لا نريد السير في طريق رضاه عليه السلام، لا أنّه لا نعرف الطريق، ومتعذّر علينا الحصول عليه.

 ماذا سيكون جوابنا لو..؟!
ألا ينبغي لنا أن نلتفت إلى وجود إمام لنا ناظر إلى أعمالنا؟
الويل لنا إذا لم نكن ندرك حضوره!
إذا كانت الذنوب الشخصية [أي الفردية] التي يأتي بها الإنسان في الخلوة –ممّا لا علاقة له بالأمور الاجتماعية- يستحقّ عليها جهنّم إلّا أن يأتي بتوبةٍ مناسبة للحال، فكيف ستكون عاقبة الذنوب الاجتماعية التي تؤدّي إلى تغيير المجتمع وزعزعة الأمن والنظام وانحلاله، أو تسبّب تحريم الحلال وترك الواجبات، وهل يمكننا الفرار من الرقابة الإلهية، أو إخفاء أنفسنا عنه تعالى مع اعتقادنا بوجود إمام هو «عين الله الناظرة» ثمّ نأتي بما نشاء من عمل؟
وماذا سيكون جوابنا؟! كم سيكون الأمر شاقّاً علينا إذا لم تصبح ملاحظة رضاه وعدمه ملكةً لنا، ولم نسعَ للحصول على سروره في كلّ عملٍ نقوم به؛ علماً أنّ مواطن رضاه أو سخطه معلومة في كلّ أمر، وإلّا فالواجب علينا هو الاحتياط.
حقّ وليّ نعمتنا
كما أُمرنا أن نعرف مقام أولياء نعمتنا والمحسنين إلينا كالوالدين والمعلّم، وأن نحترمهم ونوقّرهم حتى نصل إلى مبدأ الإنعام، فالأئمّة الأطهار عليهم السلام هم أولياء النعمة، وواسطة الفيض في كلّ زمان.
فهل يجوز أن يكون قائدنا ومولانا إمام العصر عجّل الله تعالى فرجه الشريف حزيناً ونحن فرحون؟! أو يكون باكياً بسبب ابتلاء شيعته ونحن نضحك مسرورين؟! وفي نفس الوقت نعتبر أنفسنا تابعين له عليه السلام ومن شيعته؟!
ألا يُفترض أن نقلق لبؤس التزامنا الديني؟!

إذا كان الشيعة الصادقون هم مَن «يفرحون لِفرحنا ويحزنون لِحزننا»، فهل نحن كذلك؟ وهل نحن نشارك الأئمّة عليهم السلام أفراحهم وهمومهم وأحزانهم؟! وهل يعقَل أن نكون شيعة وتمرّ علينا ليلة من دون أن ندعو لهلاك أعداء الإسلام وأعداء أهل البيت عليهم السلام، أو أن نكون في دعائنا غير مخلصين؟!
السَّير في نهج الإمام
بمقدور الإنسان أن يكون نافعاً للدين والناس؛ فإذا بذلنا ما نستطيع من الجهد في سبيل هداية الناس، فهل من الممكن أن لا نكون مشمولين بعناية صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف؟!
وإذا كنّا في طريق وليّ العصر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فعلينا أن لا نتأذّى ممّا نسمعه من سوءٍ وأذى وسخرية، بل علينا أن نبقى ثابتي القدم في طريق الحقّ والحقيقة، وأن نمتلك الصبر والاستقامة إزاء الحوادث والمكدّرات.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد