مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

سمع النبي "ص" وبصره

 

السيد جعفر مرتضى
قد تجد في قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «أنا مدينة العلم (الحكمة) وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من الباب»(1)، أو ما بمعناه(2). مدخلاً لفهم المراد من كون علي «عليه السلام» هو سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وبصره..
فإنه «صلى الله عليه وآله» ـ وبأمر من الله تعالى ـ يريد للناس أن يدركوا بعقولهم وبوجدانهم الصلة والربط الوثيق بين مقام النبوة، ومقام الإمامة، وأن فصلهما خيانة للدين، وتضييع للأمانة، وبوار لأهداف الرسالة ولمقاصدها، وإهدار لكل جهود الأنبياء، والأصفياء، والشهداء.
وبعبارة أوضح وأصرح: إن الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾(3)، والذي أنزله الله تعالى على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأمره بتبليغه هو ولاية علي «عليه السلام»، وضرورة أخذ البيعة له من الناس، الأمر الذي تجلى في يوم الغدير، قبل سبعين يوماً من استشهاد رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
ونحن نعلم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد بلغ الرسالة كلها قبل يوم الغدير، فما معنى قوله: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾؟!


ويجاب بما يلي:
إن الأحداث التي نزلت هذه الآية للتأثير فيها قد أوضحت: أن الولاية التي بلغها النبي «صلى الله عليه وآله» يوم الغدير هي ذلك الأمر الذي كان هناك جماعات من الناس يعارضونه، ويرفضونه، ويمنعون من إبلاغه بكل حيلة ووسيلة.. وكان «صلى الله عليه وآله» يحتاج إلى العصمة منهم ومن كيدهم.
وقد حان الوقت لمواجهة هؤلاء، وفرض هذا الأمر عليهم، بإبلاغه في أكبر حشد لأهل الاسلام، تحت لواء نبي الإسلام، في غدير خم.
وقد ظهر من هذه الآية المباركة: أن ولاية علي عليه السلام توازي الرسالة كلها، فإن لم يبلغها النبي للناس، فإن جميع جهوده «صلى الله عليه وآله» منذ بعثه الله إلى حين وفاته ستذهب هباء، وكأن شيئاً لم يكن.
فالإمامة هي علة بقاء هذا الدين، ولولاها لأصبحت جميع حقائقه وشعائره مجرد حركات، لا روح فيها ولا حياة، فهي كالجسد الميت.. أو كالصورة المرسومة على حائط.
وبذلك يُعرف: أن التعامل مع النبي «صلى الله عليه وآله» ـ كنبي ورسول ـ لا يؤثر آثاره، ولا يعطي ثماره إلا إذا كان علي «عليه السلام» جزءاً منه، فمن يريد أن يصل إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بدون علي «عليه السلام»، فإنه لا يصل إليه، والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يسمع صوته، بل يكون صوته كصيحة في واد، ولا يسمع صداها إلا خصوص من أطلقها..
كما أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يرى أحداً إلا من خلال علي «عليه السلام»، فإن من ليس لديه علي: في عقله وفكره ووجدانه، لا يستحق أن يراه النبي «صلى الله عليه وآله»، لأنه يفقد معنى وجوده.. فإن علياً «عليه السلام» هو الخير كله، والعلم كله، والصواب كله، والحق كله، وهو كل ما يحبه الله.. وما عداه باطل وعدم، وسراب وهباء. فلماذا يراه رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

 

--------------------------------------
(1) روضة المتقين ج11 ص253 والأمالي للصدوق ص619 وعيون أخبار الرضا ج1 ص210 و 211 وتحف العقول ص430 وشرح الأخبار ج1 ص89 والأمالي للطوسي ص559 ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص92 والاحتجاج للطبرسي ج1 ص102 والمزار لابن المشهدي ص576 والعمدة لابن البطريق ص294 و 395 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج1 ص507 وغوالي اللآلي ج4 ص123 والمحتضر للحلي ص15 و 28 وكتاب الأربعين للشيرازي ص80 و 443 و 444 وبحار الأنوار ج25 ص224 و 225 وج28 ص199 وج40 ص206 و 207 وج66 ص81 وج90 ص57 وج99 ص106 والمستدرك للحاكم ج3 ص127 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص148 وفتح الملك العلي ص23 و 24 و 25 و 44 و 55 و 59 وتفسير القمي ج1 ص68 وتفسير نور الثقلين ج2 ص315 وتفسير كنز الدقائق ج6 ص88 والكامل لابن عدي ج1 ص190 وج2 ص341 والعلل للدارقطني ج3 ص247 وتاريخ بغداد ج11 ص204 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص378 و 379 و 380 و 381 و 382 و 383 وتهذيب الكمال ج18 ص77 وتذكرة الحفاظ ج4 ص1231 وميزان الاعتدال ج1 ص247 ولسان الميزان ج1 ص432 ومناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه ص85 و 86 وتاريخ جرجان ص65 والبداية والنهاية ج7 ص395 وبشارة المصطفى ص353 ونهج الإيمان ص342 وكشف اليقين ص51 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص76 وتأويل الآيات الظاهرة ج1 ص220 وينابيع المودة ج1 ص137 و 219 و 222 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص377 وج5 ص469 و 470 و 471 و 476 و 479 و 483 و 484 و 488 و 490 و 492 و 496 و 498 و 500 و 502 و 504 وج7 ص458 وج15 ص74 وج16 ص278 و 279 و 281 و 286 و 288 و 291 و 292 و 293 و 294 و 295 و 299 و 302 وج20 ص525 وج21 ص416 و 417 و 419 و 422 و 424 و 425 وج22 ص555 و 556 و 560 و 561 وفلك النجاة ص168.

(2) الأمالي للصدوق ص425 و 655 والتوحيد للصدوق ص307 والخصال للصدوق ص574 والمجازات النبوية ص207 و 208 وروضة الواعظين ص119 ومناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج2 ص558 ومائة منقبة لابن شاذان ص170 والأمالي للطوسي ص309 و 431 و 577 ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص87 و 88 و 89 و 90 و 93 والعمدة لابن البطريق ص292 و 293 و 295 والصراط المستقيم ج2 ص19 و 20 وبحار الأنوار ج10 ص120 وج31 ص463 وج40 ص200 و 201 و 202 و 203 و 206 ونور البراهين ج2 ص155 وكتاب الأربعين للماحوزي ص451 و 452 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص434 وج2 ص356 وج7 ص336 و 337 وج9 ص351 ونظم درر السمطين ص113 وفيض القدير ج3 ص60 وكشف الخفاء ج1 ص203 وفتح الملك العلي ص22 و 43 وتفسير فرات ص265 ومجمع البيان ج2 ص28 وتفسير نور الثقلين ج1 ص178 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص260 وفضائل أمير المؤمنين لابن عقدة ص43 وبشارة المصطفى ص323 ومطالب السؤول ص129 و 130 وكشف الغمة ج1 ص111 ونهج الإيمان ص341 ومعارج الوصول ص47 وإرشاد القلوب ج2 ص376 وينابيع المودة ج1 ص219 ودلائل الصدق ج6 ص179 و 319 و 320 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص473 و 475 و 477 و 478 و 485 و 486 و 487 و 493 و 494 و 495 و 505 وج16 ص289 و 290 و 296 وج21 ص425 و 426 و 427 و 428 وج22 ص554 و 555 وج31 ص104 و 105 و 106 و 170 وفلك النجاة ص169 و 170 والصواعق المحرقة ص122.
(3) الآية 67 من سورة المائدة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد