مقالات

فراقب بدخول يوم العيد جميع ما يرضى به ربّك

الميرزا جواد الملكي التبريزي

وأمّا يوم العيد... (فإنّه) مِنْ مواسم نداء الله -جلّ سلطانه وعظمت آلاؤه- عبيده وإماءه بالإذن العامّ، والفيض الخاصّ، لمغفرة الذنوب، وعلاج العيوب، وإنجاح المسؤول، والفوز بالمأمول، وإعطاء الخلع والجوائز، وأمان الأخطار عند الهزاهز.

فاغتنم يا مسكين إقبال ملك الملوك تعالى عليك بوجهه الكريم، وذكره لك قبل وجودك بجعل هذا العيد العظيم، وتفكّر بما فعل بك من الكرم والإحسان، والعطف والحنان، وذكرك بالعطاء والجود، قبل أن تكون شيئاً مذكوراً.

فإنّه خلق أسباب قوّتك وقدرتك، قبل وجودك ووجود ضعفك، وهيّأ لك أصول نعمه قبل أن تكون قابلاً للتنعّم، وبعث لهدايتك من أوليائه وأعزّته قبل أن يوجد آباؤك وأمرهم أن يُدبّروا أمر هدايتك وتربيتك، بسفك المهج وخوض اللجج، والقتال مع الكفّار، وإبادة الفجّار، حتّى يسلم عليك دينك، وتتفرّغ لعبادة ربك وتحصّل معرفة مولاك، وتفوز بخدمة ربّ العباد، إلى سلطنة يوم المعاد والنعم الباقية أبد الآباد...

فارحم نفسك في وقت المهلة، ولا تفوّت عليك الفرصة، واستعدّ لغدك في أمسك، وابك على نفسك واستمسك بعروة هذا الموسم الجليل، والمقام الجميل، فإنّك مدعوٌّ لموائد ضيافة الله، في محلّ كرامة الله، مع القوم الأطهار أولياء الملك الجبّار، وإن ساعدك التوفيق، بإتيان أدب هذا المجلس الشريف، والمنزل اللطيف، فزت بالكرامة العظمى والسعادة العليا، والدرجة القصوى.

فراقب بدخول يوم العيد جميع ما يرضى به ربّك، ويعطف عليك مولاك، وكن كعبد متملّق لمالكه، كيف يجدُّ أن يُنشئ خدمة لمولاه، وهو مالكه في بعض وجوه الطاعة، والله تعالى مالك وجودك، ومالك دنياك وآخرتك، ومحياك ومماتك، لا تجوز الغفلة عن هذا الربّ الودود، والملك العطوف، والغافل في خطر المنع.

واستحي مع فقرك وغناه، وذلّك وعزّته، أن تكون معرضاً عنه حين إقباله عليك بوجهه الكريم، وتكون في موائد ضيافته مع حضوره وإنعامه عليك مشغولاً عن ذكره بذكر عدوّه، ومشغوفاً بحبّ من يبعّدك عن محبّته وجواره.

فيا لله من هذا الخطب الجسيم، والجهل العظيم، والعقل السقيم، وما يورثه من العذاب الأليم...

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد