قد يكون من الأفضل الرجوع إلى القرآن الكريم نفسه لتشخيص الهدف من نزوله، ومن خلال استعراض الآيات القرآنية التي فسرت نزول القرآن.
وفي مراجعة للقرآن الكريم نجد مجموعة كبيرة من الآيات والظواهر يمكن أن تلقي الضوء على الهدف من نزول القرآن، ولكن هذه الآيات قد تبدو وكأنها تتحدث عن أهداف متعددة أو مختلفة، وسوف نشير إلى نماذج من هذه الآيات والاحتمالات المتعددة لها، ثم نستخلص من خلال المقارنة الهدف الرئيسي المركزي من نزول القرآن:
1 - ورد في القرآن الكريم بصدد تشخيص الهدف أنه جاء (للإنذار والتذكرة) مثل قوله تعالى: (...وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ...) (1).
2 - وفي آيات أخرى جاء القرآن لضرب الأمثال والعبر والدروس مثل قوله تعالى: (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل...) (2). (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل...) (3).
3 - وفي مكان آخر يبدو وكأن الهدف من القرآن هو إقامة الحجة والبرهان والمعجزة، كما في قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون * أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا...) (4). (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا) (5).
4 - وفي مواضع أخرى يبدو القرآن وكأنه كتاب دستور وشريعة وتفصيل للأحكام: (... ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) (6).
5 - وفي مواضع أخرى من القرآن الكريم أنه جاء من أجل الحكم وفصل الخلاف والتفريق بين الحق والباطل: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) (7).
6 - كما نجد في مواضع أخرى أن الهدف من القرآن هو تصديق الرسالات السابقة وإمضاؤها وتصحيحها والهيمنة عليها، وبذلك يكون له دور تصحيحي وتكميلي: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعًا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) (8).
وبالرغم من أن هذه الأهداف التي أشرنا إليها قد تكون متداخلة يؤثر بعضها بالآخر ويرتبط به في وجه من الوجوه، إلا أنها تبدو متعددة عندما تطرح في الآيات الكريمة، ونريد أن نفسر الظاهرة القرآنية ونسعى إلى تشخيص الهدف الأساس لها، بحيث يفهم أن القرآن الكريم جاء لتحقيق غايات وأهداف عديدة، تتوزع على أيات القرآن وسوره ومضامينه.
ومن أجل أن نكون أكثر وضوحًا لا بد لنا أن نطرح السؤال كالتالي: ما هو الهدف الأساس الذي سعت الظاهرة القرآنية الكريمة إلى تحقيقه من خلال وجودها، بحيث يفسر لنا هذا الهدف كل آية في القرآن الكريم مهما كان مضمونها ومحتواها وصيغتها؟ ومن خلال استعراض الأهداف السابقة والمقارنة بينها، يمكن أن نخرج بنتيجة واضحة للجواب عن السؤال السابق، حيث نلاحظ أن القرآن الكريم استهدف من نزوله تحقيق هدف واحد رئيس، له أبعاد ثلاثة، وساهمت بقية الأهداف الأخرى بشكل أو بآخر في تحقيق هذا الهدف الرئيس.
بل أشار القرآن الكريم أحيانًا إلى هذه المساهمة والترابط بين هذا الهدف الرئيس وبقية الأهداف ... وهذا الهدف الرئيس هو ايجاد التغيير الاجتماعي (الجذري) للإنسانية، من خلال رسم (الطريق والمنهج) لهذا التغيير، و(خلق القاعدة الثورية) التي تميزت بهذا المنهج والتزمت وتغيرت على أساسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأنعام: 19.
(2) الإسراء: 89.
(3) الزمر: 27.
(4) الأنعام: 155، 156.
(5) النساء: 174.
(6) النحل: 89.
(7) النحل: 64.
(8) المائدة: 48.
السيد جعفر مرتضى
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ جعفر السبحاني
محمود حيدر
الدكتور محمد حسين علي الصغير
عدنان الحاجي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
لماذا ولد الإمام علي (ع) في الكعبة
لَا يَمَسُّهُ إلَّا المطَهَّرُونَ
العطاء في حياة الإمام علي عليه السلام
كيف يسهم القدوة في صياغة شخصيّة الإنسان؟
مزعومة الأشعري في الإلجاء
صور علومنا الذهنيّة (2)
دنيا عليّ عليه السّلام (2)
حاء وباء على باب علي
مبدأ التّشيّع وتاريخ نشأته
السر المفقود للنهوض بالمجتمع