من المعلوم وقوع أفعال خارقة للعادة الجارية للمشاهدة والنقل، فقلما يوجد منا من لم يشاهد شيئًا من خوارق الأفعال أو لم ينقل إليه شيء من ذلك - قليل أو كثير، إلا أن البحث الدقيق في كثير منها يبيّن رجوعها إلى الأسباب الطبيعية العادية، فكثير من هذه الأفعال الخارقة يتقوى بها أصحابها بالاعتياد والتمرين كأكل السموم وحمل الأثقال والمشي على حبل ممدود في الهواء إلى غير ذلك، وكثير منها تتكي على أسباب طبيعية مخفية على الناس مجهولة لهم، كمن يدخل النار ولا يحترق بها من جهة طلاية الطلق ببدنه، أو يكتب كتابًا لا خط عليه ولا يقرؤه إلا صاحبه، وإنما كتب بمايع لا يظهر إلا إذا عرض الكتاب على النار إلى غير ذلك.
وكثير منها يحصل بحركات سريعة تخفى على الحس لسرعتها فلا يرى الحس إلا أنه وقع من غير سبب طبيعي كالخوارق التي يأتي بها أصحاب الشعبذة، فهذه كلها مستندة إلى أسباب عادية مخفية علي حسنًا أو غير مقدورة لنا، لكن بعض هذه الخوارق لا يحلل إلى الأسباب الطبيعية الجارية على العادة كالإخبار عن بعض المغيبات وخاصة ما يقع منها في المستقبل وكأعمال الحب والبغض والعقد والحل والتنويم والتمريض وعقد النوم والإحضار والتحريكات بالإرادة مما يقع من أرباب الرياضات وهي أمور غير قابلة للإنكار، شاهدنا بعضًا منها ونقل إلينا بعض آخر نقلاً لا يطعن فيه، وهو ذا يوجد اليوم من أصحابها بالهند وإيران والغرب جماعة يشاهد منهم أنواع من هذه الخوارق، والتأمل التام في طرق الرياضات المعطية لهذه الخوارق والتجارب العملي في أعمالهم وإرادتهم يوجب القول بأنها مستندة إلى قوة الإرادة والإيمان بالتاثير على تشتت أنواعها.
فالإرادة تابعة للعلم والإذعان السابق عليه، فربما توجد على إطلاقها وربما توجد عند وجود شرائط خاصة ككتابة شيء خاص بمداد خاص في مكان خاص في بعض أعمال الحب والبغض، أو نصب المرآة حيال وجه طفل خاص عند إحضار الروح أو قراءة عوذة خاصة إلى غير ذلك، فجميع ذلك شرائط لحصول الإرادة الفاعلة، فالعلم إذا تم علمًا قاطعًا، أعطى للحواس مشاهدة ما قطع به، ويمكنك أن تختبر صحة ذلك بأن تلقن نفسك أن شيئًا كذا أو شخصًا كذا حاضر عندك تشاهده بحاستك ثم تتخيله بحيث لا تشك فيه ولا تلتفت إلى عدمه ولا إلى شيء غيره، فإنك تجده أمامك على ما تريد، وربما توجد في الآثار معالجة بعض الأطباء الأمراض المهلكة بتلقين الصحة على المريض.
وإذا كان الأمر على هذا فلو قويت الإرادة أمكنها أن تؤثر في غير الإنسان المريد نظير ما توجده في نفس الإنسان المريد إما من غير شرط وقيد أو مع شيء من الشرائط.
ويتبين بما مر أمور: أحدها: أن الملاك في هذا التأثير تحقق العلم الجازم من صاحب خرق العادة وأما مطابقة هذا العلم للخارج فغير لازم كما كان يعتقده أصحاب تسخير الكواكب من الأرواح المتعلقة بالأجرام الفلكية، ويمكن أن يكون من هذا القبيل الملائكة والشياطين الذين يستخرج أصحاب الدعوات والعزائم أسماءهم ويدعون بها على طرق خاصة عندهم، وكذلك ما يعتقده أصحاب إحضار الأرواح من حضور الروح فلا دليل لهم على أزيد من حضورها في خيالهم أو حواسهم دون الخارج وإلا لرآه كل من حضر عندهم وللكل حس طبيعي، وبه تنحل شبهة أخرى في إحضار روح من هو حي في حال اليقظة مشغول بأمره من غير أن يشعر به والواحد من الإنسان ليس له إلا روح واحدة، وبه تنحل أيضًا شبهة أخرى وهي أن الروح جوهر مجرد لا نسبة له إلى زمان ومكان دون زمان ومكان، وبه تنحل أيضا شبهة ثالثة، وهي: أن الروح الواحدة ربما تحضر عند أحد بغير الصورة التي تحضر بها عند آخر.
وبه تنحل أيضا شبهة رابعة، وهي: أن الأرواح ربما تكذب عند الإحضار في أخبارها وربما يكذب بعضها بعضًا. فالجواب عن الجميع: أن الروح إنما تحضر في مشاعر الشخص المحضر لا في الخارج منها على حد ما نحس بالأشياء المادية الطبيعية.
ثانيها: أن صاحب هذه الإرادة المؤثرة ربما يعتمد في إرادته على قوة نفسه وثبات إنّيته كغالب أصحاب الرياضات في إرادتهم فتكون لا محالة محدودة القوة مقيدة الأثر عند المريد وفي الخارج، وربما يعتمد فيه على ربه كالأنبياء والأولياء من أصحاب العبودية لله وأرباب اليقين بالله فهم لا يريدون شيئًا إلا لربهم وبربهم، وهذه إرادة طاهرة لا استقلال للنفس التي تطلع هذه الإرادة منها بوجه ولم تتلون بشيء من ألوان الميول النفسانية ولا اتكاء لها إلا على الحق فهي إرادة ربانية غير محدودة ولا مقيدة.
والقسم الثاني: إن أثرت في مقام التحدي كغالب ما ينقل من الأنبياء سميت آية معجزة وإن تحققت في غير مقام التحدي سميت كرامة أو استجابة دعوة إن كانت مع دعاء، والقسم الأول إن كان بالاستخبار والاستنصار من جن أو روح أو نحوه سمي كهانة وإن كان بدعوة أو عزيمة أو رقية أو نحو ذلك سمي سحرًا.
ثالثها: أن الأمر حيث كان دائرًا مدار الإرادة في قوتها وهي على مراتب من القوة والضعف أمكن أن يبطل بعضها أثر البعض كتقابل السحر والمعجزة أو أن لا يؤثر بعض النفوس في بعض إذا كانت مختلفة في مراتب القوة وهو مشهود في أعمال التنويم والإحضار.
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد عادل العلوي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ فوزي آل سيف
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
(المعتزلي الأخير وسقوط بغداد) جديد الكاتب محمّد الخبّاز
حقيقة الأفعال الخارقة للعادة
أمسية لنادي صوت المجاز حول جماليّات السّرد وتحوّلات الرّواية في الخليج العربيّ
لأول مرة يتم كشف بنية وخلل بروتين باركنسون
نشر الخلق الحسن فلسفة نبويّة
هل نملك تاريخاً؟!
الاقتصاد بين الإسراف والتقتير
علوم مختّصة بالله
(تهذيبُ الأحكام) لشيخ الطّائفة، أبي جعفر الطّوسيّ
(التجربة الرّوائيّة بين الرجل والمرأة) أمسية أدبيّة في الدمّام