يروي في الكافي بإسناده عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السّلام، قال: النّاسُ أربَعَة. فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداكَ! وما هُم؟ فَقالَ: رَجُلٌ أوتِي الإيمانَ ولَم يُؤتَ القُرآنَ، ورَجُلٌ أوتي القُرآنَ ولَم يُؤتَ الإيمانَ، ورَجُلٌ أوتِي القُرآنَ وأوتِيَ الإيمانَ، ورَجُلٌ لَم يُؤتَ القُرآنَ ولا الإيمانَ. قالَ: قُلتُ جُعِلتُ فِداكَ! فَسِّرْ لِي حالَهُم. فَقالَ: أمّا الَّذى أوتِيَ الإيمانَ ولَم يُؤتَ القُرآنَ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ التَّمرَة طَعمُها حُلوٌ ولا رِيحَ لَها. وأمّا الَّذى أوتِيَ القُرآنَ ولَم يُؤتَ الإيمانَ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الآسِ رِيحُها طَيِّبٌ وطَعمُها مُرٌّ. وأمّا مَن أوتِيَ القُرآنَ والإيمانَ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الأترُجَّةِ رِيحُها طَيِّبٌ وطَعمُها طَيِّبٌ. وأمّا الَّذى لَم يُؤتَ الإيمانَ ولا القُرآنَ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الحَنظَلَة طَعمُها مُرٌّ ولا رِيحَ لَها.[1]
يُستفاد من هذه الرواية أنَّ العالم بالقرآن هو صاحب نور وبصيرة تحيي القلوب، عارفٌ بطريق السير والسلوك وبطرق الوصول إلى الله، وبموانع هذا الطريق وعوائقه، كما أنّه يعرف سبيل رفع هذه الموانع والوصول إلى المقصود، وهذا بنفسه يُمثّل الخصوصيّة التي أشار الإمام عليه السلام إليها بتعبيره بالرائحة الطيّبة. وهذا بخلاف من يصل إلى مرحلة الإيمان وتطيب روحه بالعمل وبتوجيه ومساعدة الإمام والوليّ، ولكن وبسبب عدم إطّلاعه الكافي على طريق السير والسلوك وعدم اطّلاعه على ما يرفع الموانع والخواطر الشيطانيّة وعدم معرفته بالإلهامات الربّانيّة، وعدم تمييزه بين النفحة الإلهيّة ونزعة إبليس؛ فهذا لا يمكنه أن يفيد غيره، ولا يمكنه أن يكون مُرشداً للناس إلى طريق الله سبحانه، وخلاصة القول إنّ وجوده «لازم» وليس «متعدّياً»، فإن كان هناك من خير فهو لنفسه ولا يفيض على غيره. وذلك لأنّ القرآن يستعرض صفحات نفس الإنسان الواحدة تلو الأخرى، محقّقا وباحثاً في غرائزه وصفاته بشكل كامل، وهو يدرك جيّداً مهلكاته ومنجياته، كما أنّه مطّلع على جنود النّفس الأمّارة وإبليس، وسبيل التغلّب عليها، وهو ذو خبرة تامّة في تقوية الغرائز الرحمانيّة ورأس المال الفطريّ الذي وهبه الله لهذا الإنسان، فالقرآن حقيقةً هو كتاب تعليم وتربية، ونجاة من مستوى البهيميّة إلى ذروة مقام القرب والإنسانيّة، ومن هنا فإنّ العارف بالقرآن يمتلك نحواً من المزايا في التربية غير موجودة عند غيره، ومن هنا فإنّ الله العليّ الأعلى لـمّا كان يريد لجميع أفراد البشر أن يحصلوا على هذه المزايا العرفانيّة والمقامات الروحيّة والتربوية؛ فقد أمرهم بقراءة القرآن والتدبّر فيه والتفكّر في الآيات الإلهيّة الواردة بين ثناياه.
فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
أفضَلُ عِبادَة أمَّتِي قِرَاءَة القُرآنِ.[2]
وقال صلّى الله عليه وآله أيضاً:
خَيرُكُم مَن تَعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَهُ.[3]
ويروي في كتاب الكافي بإسناده عن الفضيل بن يسار عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام أنّه قال:
ما يَمنَعُ التّاجِرَ مِنكُمُ الـمَشغُولَ فى سُوقِهِ إذا رَجَعَ إلَى مَنزِلِهِ، أن لا يَنامَ حَتَّى يَقرَأ سُورَةً مِنَ القُرآنِ فَتُكتَبَ لَهُ مَكانَ كُلِّ آيَة يَقرَؤُها عَشرُ حَسَناتٍ، ويُمحَى عَنهُ عَشرُ سَيِّئاتٍ؟![4]
كما يروي في الكافي عن عبد الله بن فضل النوفلي مرفوعاً:
ما قَرَأتُ الحَمدَ عَلَى وَجَعٍ سَبعيِنَ مَرَّة إلَّا سَكَنَ.[5]
وعن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام، قال:
لَو قَرَأتَ الحَمدَ عَلَى مَيِّتٍ سَبعِينَ مَرَّة ثُمَّ رُدَّتْ فيهِ الرُّوحُ، ما كانَ ذَلِكَ عَجَباً.[6]
وعن جابر، قال:سَمِعتُ أبا جَعفَرَ عَلَيهِ السّلامُ يَقولُ: مَن قَرَأ الـمُسَبِّحاتِ كُلَّها قَبلَ أن يَنامَ، لَم يَمُتْ حَتَّى يُدرِكَ القَآئِمَ، وإن ماتَ كانَ فى جَوارِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ.[7]
ــــــــــــــــــــــ
[1] ـ الكافي، ج 2، ص 604
[2] ـ على ما فى المحجّة البيضاء، ج 2، ص 210، نقلًا عن الغزالى برواية العامّة.
[3] ـ نفس المصدر.
[4] ـ الكافى، ج 2، ص 611.
[5] ـ نفس المصدر.
[6] ـ نفس المصدر.
[7] ـ نفس المصدر. أقول المراد من المسبّحات سور خمس تبدأ كلّ منها بـ«سبّح» أو «يسبّح».
السيد محمد باقر الحكيم
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
تجربتي في إدارة سلوكيات الأطفال، كتاب للأستاذ حسين آل عبّاس
الفروق الحقيقيّة بين المكي والمدني
كيف نصبح من الذاكرين؟
التفكير التصميمي: الإبداع وإيجاد حلول للمشكلات
الهدية وأثرها في البيت الزوجي
محاضرة في نادي الخطّ الثّقافيّ حول التّفكير النّقديّ
ورشة بيئيّة في نادي الخويلديّة الرّياضيّ
أمسية تكريميّة وتدشين كتاب للرّاحل علي آل رضي في عرش البيان
الوجود ليس باطلًا
الشيخ عبد الله النمر: المنهج القويم معيار السلامة