علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطبطبائي
عن الكاتب :
مفسر للقرآن،علامة، فيلسوف عارف، مفكر عظيم

في امتناع إعادة المعدوم بعينه


السيد محمد حسين الطباطبائي ..
قالت الحكماء إن إعادة المعدوم بعينه ممتنعة ، وتبعهم فيه بعض المتكلمين وأكثرهم على الجواز .
وقد عد الشيخ ، امتناع إعادة المعدوم ضروريًّا ، وهو من الفطريات ، لقضاء الفطرة ببطلان شيئية المعدوم ، فلا يتصف بالإعادة .
والقائلون بنظرية المسألة احتجوا عليه بوجوه ، منها أنه لو جاز للمعدوم في زمان ، أن يعاد في زمان آخر بعينه ، لزم تخلل العدم بين الشيء ونفسه وهو محال ، لأنه حينئذ يكون موجودًا بعينه ، في زمانين بينهما عدم متخلل .
حجة أخرى ، لو جازت إعادة الشيء بعينه بعد انعدامه ، جاز إيجاد ما يماثله من جميع الوجوه ، ابتداء واستئنافًا وهو محال ، أما الملازمة فلأن ، حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد ، ومثل الشيء ابتداء ومعاده ثانيًا لا فرق بينهما بوجه ، لأنهما يساويان الشيء المبتدأ من جميع الوجوه ، وأما استحالة اللازم ، فلاستلزام اجتماع المثلين في الوجود ، عدم التميز بينهما وهو وحدة الكثير ، من حيث هو كثير وهو محال.
حجة أخرى إن إعادة المعدوم ، توجب كون المعاد هو المبتدأ وهو محال ، لاستلزامه الانقلاب أو الخلف ، بيان الملازمة أن إعادة المعدوم بعينه ، يستلزم كون المعاد هو المبتدأ ذاتًا ، وفي جميع الخصوصيات المشخصة حتى الزمان ، فيعود المعاد عين المبتدأ وهو الانقلاب أو الخلف .
حجة أخرى لو جازت الإعادة لم يكن عدد العود ، بالغًا معينًا يقف عليه ، إذ لا فرق بين العودة الأولى والثانية ، وهكذا إلى ما لا نهاية له ، كما لم يكن فرق بين المعاد والمبتدأ ، وتعين العدد من لوازم وجود الشيء المتشخص .
احتج المجوزون بأنه لو امتنعت إعادة المعدوم ، لكان ذلك إما لماهيته وإما للازم ماهيته ، ولو كان كذلك لم يوجد ابتداء وهو ظاهر ، وإما لعارض مفارق فيزول الامتناع بزواله .
ورد بأن الامتناع لأمر لازم ، لكن لوجوده وهويته لا لماهيته ، كما هو ظاهر من الحجج المتقدمة .
وعمدة ما دعاهم إلى القول بجواز الإعادة ، زعمهم أن المعاد وهو مما نطقت به الشرائع الحقة ، من قبيل إعادة المعدوم .
ويرده أن الموت نوع استكمال لا انعدام وزوال .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد