السيّد محمّد حسين الطباطبائي
لا رَيْب أنَّ قانون العلِّيّة والمعلوليَّة ثابتٌ، وأنَّ الموجود المُمكن معلولٌ له سبحانه إمّا بلا واسطة أو معها، وأنَّ المعلول إذا نُسِبَ إلى علَّته التّامّة كان له منها الضَّرورة والوجوب، إذْ ما لم يَجِب لم يوجَد، وإذا لم يُنسَب إليها كان له الإمكان، سواء أُخذ في نفسه ولم يُنسَب إلى شيء كالماهيةّ الممكنة في ذاتها، أم نُسِب إلى بعض أجزاء علَّته التّامّة؛ فإنَّه لو أوجب ضرورته ووجوبه كان علّةً له تامّة، والمفروض خلافه.
ولمَّا كانت الضَّرورة هي تَعيُّن أحد الطَّرفَين وخروج الشّيء عن الإبهام، كانت الضَّرورة المُنبسطة على سلسلة الممكنات، من حيث انتسابها إلى الواجب تعالى الموجب لكلٍّ منها في ظرفه الذي يخصّه، قضاءً عامّاً منه تعالى، كما أنَّ الضَّرورة الخاصّة بكلِّ واحدٍ منها قضاءٌ خاصّ به منه تعالى، إذ لا نعني بالقضاء إلَّا فصل الأمر، وتعيينه عن الإبهام والتّردُّد.
ومن هنا يظهر أنَّ القضاء من صفاته الفعليّة، وهو مُنتزَع من الفعل من جهة نسبته إلى علَّته التّامّة الموجبة له.
والرِّوايات في تأييد ما تقدَّم كثيرة جدّاً :
* ففي (المحاسن): «قال أبو عبد الله عليه السلام: إنَّ اللهَ إذا أراد شيئاً قدَّره، فإذا قدَّره قَضاه، فإذا قَضاه أَمْضاه».
* وفيه: «قال أبو الحسن [الكاظم] عليه السلام لِيُونس مولى عليّ بن يقطين: يا يونس، لا تتكلَّم بالقدَر، قال: إنِّي لا أتكلَّمُ بالقدَر، ولكنْ أقول: لا يكون إلَّا ما أراد الله وشاء وقضى وقدَّر، فقال: ليس هكذا أقول، ولكن أقول: لا يكون إلَّا ما شاء الله وأراد وقدَّر وقضى. ثمَّ قال: أتدري ما المشيّة؟ فقال: لا، فقال: همُّه بالشّيء، أوَ تدري ما أراد؟ قال: لا، قال: إتمامُه على المشيّة، فقال: أوَ تدري ما قدَّر؟ قال: لا، قال: هو الهندسة من الطُّول والعرض والبقاء، ثمَّ قال: إنَّ الله إذا شاء شيئاً أراده، وإذا أراده قدَّره، وإذا قدَّره قضاه ،وإذا قضاه أمضاه».
* وفي رواية أخرى عن يونس عنه عليه السلام، قال: «لا يكون إلَّا ما شاء الله وأراد وقدَّر وقضى. قلت: فما معنى شاء؟ قال: ابتداءُ الفعل. قلت: فما معنى أراد؟ قال: الثّبوتُ عليه. قلت: فما معنى قدَّر؟ قال: تقدير الشَّيء من طوله وعرضه، قلت: فما معنى قضى؟ قال: إذا قضى أمضى، فذلك الذي لا مردَّ له».
* وفي (التوحيد): «سُئل العالم [الإمام الكاظم] عليه السلام: كيف علمُ الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقدَّر وقضى وأمضى. فأمضى ما قضى، وقضى ما قدَّر وقدَّر ما أراد. فَبِعلمه كانت المشيّة، وبمشيَّته كانت الإرادة، وبإرادته كان التَّقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الإمضاء. فالعلمُ متقدِّم على المشيّة، والمشيّة ثانية، والإرادة ثالثة، والتّقدير واقع على القضاء بالإمضاء. فللَّه تبارك وتعالى البَداء في ما علم متى شاء، وفي ما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء».
والذي ذكرَه عليه السلام من ترتُّب المشيّة على العلم، والإرادة على المشيّة وهكذا، ترتُّب عقليٌّ بحسب صحَّة الانتزاع.
* وفيه باسناده عن ابن نباتة قال: «إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام عدلَ من عند حائط مائلٍ إلى حائطٍ آخر فقيل له: يا أمير المؤمنين تفرُّ من قضاء الله؟ قال: أفرُّ من قضاء الله إلى قدَر الله عزَّ وجلَّ».
أقول: وذلك أنَّ القدَر لا يُحتِّم المقدَّر، فمِن المرجوّ أن لا يقع ما قُدِّر، أمّا إذا كان القضاء فلا مدفعَ له، والرّوايات في المعاني المتقدِّمة كثيرة من طُرُق أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان