الهداية بالمعنى الّذي نعرفه كيفما اتّخذت هي من العناوين الّتي تعنون بها الأفعال وتتّصف بها، تقول: هديت فلاناً إلى أمر كذا إذا ذكرت له كيفيّة الوصول إليه أو أريته الطريق الّذي ينتهي إليه، وهذه هي الهداية بمعنى إراءة الطريق، أو أخذت بيده وصاحبته في الطريق حتّى توصله إلى الغاية المطلوبة، وهذه هي الهداية بمعنى الإيصال إلى المطلوب.
فالواقع في الخارج في جميع هذه الموارد هو أقسام الأفعال الّتي تأتي بها من ذكر الطريق أو إراءته أو المشي مع المهديّ وأمّا الهداية فهي عنوان للفعل يدور مدار القصد كما أنّ ما يأتيه المهديّ من الفعل في إثره معنون بعنوان الاهتداء فما ينسب إليه تعالى من الهداية ويسمّى لأجله هادياً وهو أحد الأسماء الحسنى من صفات الفعل المنتزعة من فعله تعالى كالرحمة والرزق ونحوهما.
وهدايته تعالى نوعان: أحدهما الهداية التكوينيّة وهي الّتي تتعلّق بالأمور التكوينيّة كهدايته كلّ نوع من أنواع المصنوعات إلى كماله الّذي خلق لأجله وإلى أفعاله الّتي كتبت له، وهدايته كلّ شخص من أشخاص الخليقة إلى الأمر المقدّر له والأجل المضروب لوجوده قال تعالى: ( الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى ) (طه: 50) وقال: ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ) (الأعلى: 3).
والنوع الثاني: الهداية التشريعيّة وهي الّتي تتعلّق بالأمور التشريعيّة من الاعتقادات الحقّة والأعمال الصالحة الّتي وضعها الله سبحانه للأمر والنهي والبعث والزجر ووعد على الأخذ بها ثواباً وأوعد على تركها عقاباً.
ومن هذه الهداية ما هي إراءة الطريق كما في قوله تعالى: ( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً ) (الدهر: 3).
ومنها ما هي بمعنى الإيصال إلى المطلوب كما في قوله تعالى: ( وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ ) (الأعراف: 176) وقد عرّف الله سبحانه هذه
الهداية تعريفاً بقوله: ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ) (الآية: 125) فهي انبساط خاصّ في القلب يعي به القول الحقّ والعمل الصالح من غير أن يتضيّق به، وتهيّؤ مخصوص لا يأبى به التسليم لأمر الله ولا يتحرّج عن حكمه.
وإلى هذا المعنى يشير تعالى بقوله: ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ - إلى أن - قال ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ ) (الزمر: 23) وقد وصفه في الآية بالنور لأنّه ينجلي به للقلب ما يجب عليه أن يعيه من التسليم لحقّ القول وصدق العمل عمّا يجب عليه أن لا يعيه ولا يقبله وهو باطل القول وفاسد العمل.
وقد رسم الله سبحانه لهذه الهداية رسماً آخر وهو ما في قوله عقيب ذكره هدايته أنبياءه الكرام وما خصّهم به من النعم العظام: ( وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ) (الأنعام: 88) فقد أوضحنا في تفسير الآية أن الآية تدلّ على أنّ من خاصّة الهداية الإلهيّة أنّها تورد المهتدين بها صراطاً مستقيماً وطريقاً سويّاً لا تخلّف فيه ولا اختلاف.
فلا بعض أجزاء صراطه الّذي هو دينه بما فيه من المعارف والشرائع يناقض البعض الآخر لما أنّ الجميع يمثّل التوحيد الخالص الّذي ليس إلّا حقيقة ثابتة واحدة، ولما أنّ كلّها مبنيّة على الفطرة الإلهيّة الّتي لا تخطئ في حكمها ولا تتبدّل في نفسها ولا في مقتضياتها.
ولا بعض الراكبين عليه السائرين فيه يألفون بعضاً آخر فالّذي يدعو إليه نبيّ من أنبياء الله هو الّذي يدعو إليه جميعهم، والّذي يندب إليه خاتمهم وآخرهم هو الّذي يندب إليه آدمهم وأوّلهم من غير أيّ فرق إلّا من حيث الإجمال والتفصيل.
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
هل خلق آدم للجنّة أم للأرض؟
معنى (الدعاء الملحون)
اختلاف آراء الفلاسفة المادّيّين في حقيقة المادّة
كتاب الدّين والضّمير، تهافت وردّ
عوامل احتمال الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة الحادّة
صراع الإسلام مع العلمانية
طريقة إعداد البحث
القانون والإيمان باللّه
المادة والحركة
فهم عالم المراهقة، محاضرة للعليوات في برّ سنابس